أما الدوام الصباحي، فمراجعوه قلة لانشغال أولياء الأمور بأعمالهم في القطاعين، ولذا فهو دوام ميت، وبقدرة قادر، وبقرار من وزير الصحة آنذاك الدكتور المانع يقلب دوام المراكز من دوامين إلى دوام واحد، لم يحقق الغرض، والسبب قلة مراجعيه لانشغال أولياء الأمور بأعمالهم فيضطر المرضى إلى الاتجاه إلى المستوصفات والمستشفيات الخاصة التي صارت تكتظ بالمراجعين، خصوصا في دوامها المسائي، بل إن البعض من المستوصفات الخاصة قبل قلب نظام دوام المراكز كانت تعطي تخفيضات لمراجعيها في الفترة الصباحية، والسبب قلة المراجعين وباتجاه المرضى إلى المستوصفات والمستشفيات الخاصة أثناء الدوام المسائي يقابله تحول الدوام الواحد في مراكزنا إلى الخمول وعدم الإنتاجية لقلة المراجعين، لدرجة أن البعض وربما كل المراكز أصبح منسوبوها يقتسمون الدوام الطويل السلبي، فجزء منهم يداوم صباحا حتى الظهر، والجزء الآخر يداوم من بعد الظهر إلى نهاية هذا الدوام، ناهيك عن تسربات منسوبيها.
ولا أقول هذا ظنا أو نقلا بل عن مشاهدات، ولو أعيد النظر بإحصائية المراجعين لأي مركز قبل عام 1424 وقورنت بأخرى بأحد الأعوام ما بعد عام 1425 لوجدنا الفرق شاسعا، مما يثبت رجاحة إنتاجية الدوامين.
بعد هذا الإيضاح نسأل، لمَ عدل دوام تلك المراكز من دوامين ينبضان بكثرة المراجعين خصوصا في المساء إلى دوام واحد ميت وممل، بحيث إنك لو دخلت على طبيب لوجدته يتثاءب والممرض تجده داخل طالع صاعد نازل لتمضية الوقت لقلة أو لعدم وجود من يشغلهم من المرضى؟ وهنا مربط الفرس.
أقول، لا شك أن هناك مستفيدين من الدوام الواحد في تلك المراكز، وحديث الناس في مجالسهم واجتماعاتهم، يقولون إن البعض من مسؤولي الصحة، أو بالأصح مسؤولي الشؤون الصحية، إما أن تكون لهم مستوصفات أو مشاركة بها أو بمستشفيات، ولكن بتستر، وحقيقة فإنني أرجح هذا الاتجاه، فإن صح فهنا أسأل، أليس هذا إهدارا يتلوه إهدار، لأن الدوام الواحد حرم السواد الأعظم من المواطنين، وبخاصة ذوو الدخل المتدني من الاستفادة من تلك المراكز، ومما يؤيد وجود الفراغ لدى منسوبي المراكز عزم الشؤون الصحية بجدة على فتح المجال في المراكز لاستقبال المرضى الوافدين برسوم رمزية من أجل ملء الفراغ لدى الأطباء.
أعلنت عن ذلك قبل تولي الدكتور توفيق الربيعة وزارة الصحة، فلا أدري هل نفذ هذا المشروع أم أنه أوقف ريثما تتضح الرؤية؟ ولكن جاء كابوس كورونا فانشغلت المصحات بمرضاها.
وأخيرا، أتمنى من وزير الصحة إعادة النظر في هذا الدوام الميت، لتتم الاستفادة من تلك المراكز على الوجه الأكمل، وإلا فيستبدل بالمراكز التأمين الصحي للمواطنين، وتلغى تلك المراكز لسلبياتها أو لقلة الاستفادة منها.