أعلنت السعودية بداية الأسبوع عن اكتشاف أربعة حقول نفط وغاز في حقل الريش المرتبط بتكوين جبل طويق وأيضاً في مكمن الصّارة والسهباء في حقل الغوار وبئر العجرمية في رفحاء لتنضم إلى اكتشافين آخرين أعلن عنهما الصيف الماضي في هضبة الحجرة في منطقة الجوف وأبرق التلول في منطقة الحدود الشمالية، إضافة إلى الإعلان الرسمي هذا العام عن تطوير حقل الجافورة العملاق للغاز الذي سيمد السعودية بالغاز لأكثر من ربع قرن من الزمن ليضعها ثالث أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في العالم، وهو ما يؤمن مكانة المملكة عالمياً في ريادة أعمال مصادر الطاقة التقليدية المهمة للحياة.

دعوني أفتح معكم فكرة أخرى لنربطها لاحقاً بهذه المقدمة المحفّزة. حالياً يعاني العالم من مشكلتين تؤثران على المناخ وسلامة كوكب الأرض، وهما مشكلتا توسع ثقب طبقة الأوزون والاحتباس الحراري. والحقيقة أن كثيرين يظنون أن مشكلة الاحتباس الحراري هي السبب لثقب طبقة الأوزون، وهذا غير صحيح من الناحية العلمية.

طبقة الأوزونO3 تتأثر مباشرة بغازات الكلوروفلوروكربون CFC أو ما تعرف باسم غازات الفريون، وهي غازات ماصة للحرارة وتفوق قدرتها قدرة ثاني أكسيد الكربون CO2 الذي تنتجه الصناعات النفطية والكيميائية بمقدار 10 آلاف ضعف، أي أنها المسؤول الأول عن تدمير طبقة الأوزون، حيث ينبعث سنوياً نحو 300 ألف طن من مركبات الفريون إلى الغلاف الجوي وتتفاعل أشعة الشمس فوق البنفسجية مع غاز الفريون لتحرر ذرة كلور Cl تتفاعل بدورها مع غاز الأوزون O3 لتنتج ClO وجزيء أكسجين O2، فتقوم ذرة الأكسجين الحرة في ClO بالتخلص من ذرة الكلور وتتفاعل مع أكسجينة أخرى، وتستمر ذرة الكلور المتحررة بالتفاعل مع الأوزون لتحويله إلى أكسجين وهكذا دواليك، ما يعني تدمير طبقة الأوزون في النهاية. وقد حاول العالم استبدال الكلور في غاز الفريون CFC بهيدروجين لتكوين مركبات الهيدروفلوروكربون HFC والذي لا يدمّر طبقة الأوزون، ولكن كما يقول المثل السعودي «جيتك يا عبدالمعين تعين، لقيتك يا عبدالمعين تعان» فهذا المركب يسبب حبس الحرارة المنبعثة من الأرض داخل الغلاف الجوي فيسبب ارتفاع درجة الحرارة الأرضية، حيث أوقف العالم استخدامه بدءا من عام 2015 وفقاً لبروتوكول مونتريال بشأن طبقة الأوزون في 2009.


في الواقع مشكلة طبقة الأوزون لا تحكمها فقط هذه المسببات فقط، بل إن حركة كوكب الأرض وتباطؤ حركتها حول نفسها وفي المجرة يؤثران على تشكل طبقة الأوزون ورأبها كما هو مخطط بحلول 2050. إن انفراج أزمة الكوكب الأزرق مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً ليس في خفض الصناعات النفطية أو الكيميائية التي تطلق غازات ثاني أكسيد الكربون التي تمثل 1 من الألف في التأثير على طبقة الأوزون مقابل غازات الكلوروفلوروكربون أو في وقف البلاستيك والبوليمرات الذي تصنعه مصانع تكساس والسعودية والصين، بل في علاج السبب الرئيسي، وهو سبب مزدوج بين تدمير الغابات والغطاء النباتي شمال الكرة الأرضية في أوروبا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وأيضاً كون تلك الدول مسؤولة عن إنتاج 90% من غازات الكلوروفلوروكربون CFC على كوكب الأرض والتي تتسرب إلى الغلاف الجوي بسبب ضخامة الإنتاج وسرعة خفض الغطاء النباتي بالتوازي.

وعلى جانب متصل، لك أن تعلم عزيزي القارئ أن العالم يهلك سنوياً ما مقداره 2 مليار متر مكعب من الأخشاب بحسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية حتى عام 2018، ومعظم الغابات التي يتم تدميرها سنوياً هي في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهذه الأشجار مسؤولة عن امتصاص ثاني أكسيد الكربون المهم أيضاً لدورة حياتها الطبيعية ولخفض درجة حرارة كوكب الأرض.

وعندما نربط هذا الموضوع بالاكتشافات النفطية السعودية الجديدة في 2020، فإننا نصل إلى فكرة أن المصادر الطبيعية للطاقة الموجودة في جوف الأرض لن تؤثر بأي حال من الأحوال على توازن كوكب الأرض بسبب توازن الكتلة الكيميائية للمكونات الطبيعية للأرض، لكن المشكلة تكمن في خلق غازات الكلوروفلوروكربون والهيدروكلوروكربون وغازات أكاسيد النيتروجين من جهة والحد من قدرة الأرض طبيعياً على امتصاص تلك الغازات وهو في الحقيقة مصدر الأزمة المناخية العالمية. وبالرغم من كل تلك التجاذبات البييئة تقف السعودية بشموخها وبصفتها الدولة الأولى في تصدير الطاقة التقليدية لتصنع اقتصادات دولية لتدوير الكربون المنبعث وإعادة استخدامه، بينما لا يزال العالم متردداً في إدانة تدمير الغابات واستخدام بدائل التبريد ووضع قيود على استخدام الخشب والأوراق، ولذلك يمكنني القول، إن الإنتاج النفطي السعودي ليس مساهماً رئيسياً بأي حال من الأحوال في مشكلة المناخ مع التزام المملكة الصادق بكل الاتفاقيات المناخية النبيلة التي هدفها خير الإنسانية وسلامة العالم.