تأثر العرب، شأن جميع المراقبين بالجانب السياسي من نكسة عام 1967 بصفة أساسية، وبالتالي بجانبها الاجتماعي. وفي الحال انصب الجدل على أسباب التأخر الأيديولوجي واشتراطاته بالنسبة للبنية الاجتماعية، وأكثر من ذلك أيضًا، بالنسبة للأساس التقني/ الاقتصادي. وإذا كان الجدل قد جرى في جوهره بين الماركسيين العرب فذلك لأن المسألة المطروحة، كانت خطيرة بالنسبة لهم، هم الذين تقاعسوا عنها طيلة تلك السنين ووصموا أولئك الذين ينشغلون بها بالمثاليين السادين في غيهم، فالقائلون بالتطور والليبراليون الغربيون حسبوا دائمًا أن التغريب كان يبدأ في المدرسة الأجنبية وأن التقليد أو السنة كانت المقياس الصحيح للتأخر في انتشار الأيديولوجية الديمقراطية/ الليبرالية.

إن الإدانة الموجهة من المشاركين في الجدل، إلى المجتمع العربي، إلى الطبقة السياسية كانت في الوقت نفسه إدانة الماركسية العربية، نتيجة لتشويه المنهج. ومن هنا اللجوء الطبيعي إلى الاتجاه الأساسي للينين الذي كان أول من أقدم على تمييز الماركسية من حيث هي منهج للتحليل، ذلك أن تكرار ماركس بلا ملل يعني أن يصير المرء مادة للتأريخ ومادة فحسب، لم يعد يسيطر على ممارسته..

الحق يقال إن الأيديولوجيين العرب قد عثروا على طريق التاريخانية، فباستعراض جميع الأعمال الخاطئة في الماضي اضطر الأمر إلى الإفضاء إلى ثقافة جميع الأوهام ( الرواقية) المتعلقة بحرية الإنسان الخاضع للسيطرة. كل شيء يجري بيسر في هذه المدة من الزمن المستعصية التي تفصل ما يقال عما يجري، والاعتقاد من حيث المبدأ بحرية العاملين هو القبول بالانتقائية والبقاء في مؤخرة الأحداث التي لا تنتظرنا، الاعتقاد بحتمية طريق معطى من قبل، هو الحصول على فرصة للعمل في التطور الاجتماعي، وهو كذلك التاريخانية بالفعل. ليس لدينا الخيار إلا بين ترك التاريخ لمغامرة التجارة والحرب، أو توحيده بعمومية مقصودة.


يرمي نقد الأيديولوجيين العرب التقدميين للمفكرين الذين سبقوهم إلى نقاط أساسية ثلاث: استمرار التقليد، مفهوم السياسة، مذهبة أبدية للفكر وعلى مستويات عديدة.

فعلى سيبل المثال يتناول أنور عبد الملك تحليل السلفية لدى محمد عبده، دون أن يهتم بأفكاره، وبتنسيقها الداخلي بقدر اهتمامه بانتشارها في المجتمع، وفي هذه النقطة المحددة كثير من الوقائع تثبت حدسه.

ويقتضي الأمر لإدخال تعريفات لازمة، تحقيقات واسعة النطاق في علم الاجتماع الديني، تنبئنا ما إذا كان إسلام تلك الجماعة الاجتماعية في تلك الفترة المحددة هو دين، أو أخلاق اجتماعية أو مجرد دلالة مميزة.

وليس من شك في أن التحليل الفلسفي أو البنيوي للإسلام المعياري يظل صامتًا حول آليات فعالياته الاجتماعية. لكن الزمن يضغط ولابد من اتخاذ موقف. فبماذا تختص الأيدلوجية الإسلامية الحالية؟

يمكن إفراد السمات التالية:

* اتجاه قومي، أي اتجاه يقدم الماضي القريب كانحطاط غير مستحق والمستقبل كوعد سوف يوفي به عاجلًا أم آجلًا.

* مضادة للرأسمالية تصاغ بصورة خاصة كمؤشر تفريق بإزاء العالم الغربي.

* تدخل في القطاع الاقتصداي ينزع إلى المساواة ويوطد الوحدة المشتركة التي لا غنى عنها هي نفسها للنهضة الموعودة.

* طوباوية ضمنية لا يمكن الانتقاص منها.