قد تصل بك الحالة يومًا ما إلى ورم في ساقك يسبب لك الوجع والألم والإرهاق ثم تعالجه بمراهم ومسكنات وأدوية، معتقدًا أن الشفاء سيكون بسرعة؛ لأن الشيء في ظاهره بسيط ولا يحتاج للذهاب إلى المستشفى، ولكن تتفاجأ بعد تفاقم الألم والذهاب للمستشفى بأن مرضك لم يُشف بل تداعى وزاد، وأن الطبيب قرر بشكل قطعي ونهائي بتر ساقك، لأن ذلك أسلم وأقل ضررًا، ولحماية باقي أعضاء جسمك من تفشي المرض فيه بسبب تأخرك في مراجعة أو استشارة الطبيب، أو بسبب تفاقم الحالة المرضية بالمراهم التي وضعتها، وهي لا تتناسب مع وضعك الصحي!
هنا نحن نتكلم عن حدث مؤلم وفاجع، وأثره مستمر طول العمر أو لفترة ليست بالهينة والبسيطة.
«هنا نحن نتكلم عن المحامي وليس الطبيب»، فتأخرك في مراجعة واستشارة المحامي عند وقوعك بمشكلة ونزاع قانوني، لأنه باعتقادك أنك تستطيع معالجة الأمر وحلّه دون دفع مبلغ مالي وتكبد خسائر بسيطة أو لذكائك وفطنتك، أذكرك قد تكون ساقك هي التي ستُبتر وحرّيتك هي التي ستُحتجز، ومالك هو الذي سيُؤخذ، وكنت تستطيع المعالجة ببعض العلاجات القانونية، ولكنك تكبرت وتعاليت على العلم فستتحمل الخسائر وأنت منزعج، وسوف تراجع الطبيب القانوني عاجلًا أو آجلًا، لأن لا مفر لك منه.
لذلك لتكون لدينا الثقافة والوعي أن المحامي طبيب القضايا والمنازعات القانونية، وأن الاستشارات القانونية كالوصفات التي تعالج الألم والوجع، وأن توكيل المحامي ليس عبثًا وفراغًا.
وعلينا أن نعتقد أن المختص في جميع التخصصات وفروع العلوم هو المرشد والبوصلة، وأن الجاهل عدو نفسه، عندما تعلم أنه ليس هناك وقت لتضييع حقك، وتضييع مالك من أجل الثقة المفرطة بالنفس والتباهي، ستعلم أن الخسارة الحقيقية كانت هي جهلك!
لنرى من منظار آخر المجتمعات المتطورة والمثقفة والمتعلمة؛ نراها تحترم جميع التخصصات، وترى في كل تخصص مجاله وحيزه وأهميته في المجتمع، وأن عدم مراجعة الطبيب الصحي عند المرض ماهو إلا انتحار، وأن عدم الذهاب للمحاسب المالي في الشركات والأعمال التجارية عند الأزمات ما هو إلا ذهاب إلى حافة الانهيار المالي، وأن عدم استشارة الاستشاري الأسري عند النزاعات العائلية ما هو إلا رمي إلى التشتت والضياع.
لذلك لنتعلم أن نعطي كل موضوع لأهله من ذوي الاختصاص والعلم، وتأكد لو كان علاج مشكلتك مجرد الراحة والمكسنات أو يمكنك حل الأمر بنفسك سيقول لك طبيبك ومحاميك والمختص ذلك، دون أدنى مبالغة أو تكلف وسينصحك بأفضل الطرق لذلك.
لنكن مجتمعًا مثقفًا وواعيًا في كافة العلوم والمجالات لنزهر ونعلو.