افتقدنا أجواء المجالسة والممازحة، والاجتماعات، والأصدقاء، والأقارب، افتقدنا هذه الأجواء التي نشعر أننا بها نحيا، توقفنا عن الخروج بسبب الحظر، وشعرنا بالأسى لأننا كنا نتخيل أننا إذا مُنعنا من الخروج سنموت، هذا ما تخيله البعض، ولكن واقع الأمر أننا حين مٌنعنا من الخروج لم نمت، فقد حيا فينا جانب آخر، ونبتت بداخلنا زهرات كثيرة، من سقاها رواها وعاشت، ومن تركها لتذبل وتموت، هكذا هو الإنسان عندما يراجع نفسه يرى أموراً لم يكن قد رآها من قبل، فحين كنا حبيسي المنازل، تبدلت لدينا بعض المفاهيم وتغيرت الأفكار وتطورنا وتراجعنا وفعلنا وتركنا الكثير من الأمور التي لم ندركها ولم ندرك وجودها في حياتنا إلا بعد أن جاءت كورونا.
في هذا العام المرتحل احتفينا برمضان مختلف عما تعودنا عليه، فغابت سفر إفطار الصائمين التي لطالما سعدنا بالمشاركة فيها، وغابت العمرة والطواف، واحتفلنا بعيد الفطر والذي خلا من أجمل مظاهره كصلاة العيد وتوزيع الحلوى في مصلى العيد، وكذلك الحج، ومطلع العام الجديد، وغير ذلك من اللطائف التي أمتعتنا طوال حياتنا.
ومع كل ملامح الفقد والتغير التي طالت هذا العام إلا أننا حظينا بفرص لم تسنح لنا من قبل لنسبر أغوار أنفسنا، ونستثمر ما لدينا من قدرات جبارة فاقت إمكانية تصديق وجودها لدينا.
عدنا واجتمعنا وتشاركنا الطعام والكلام، وجالسنا بعضنا وكأننا لم نجتمع مع بعضنا منذ دهور.
مع كورونا التفتنا لأنفسنا ولمن نحب ولم ننشغل بالنظر خلفنا أو متابعة الآخرين.