هذه الخطوة تذكرني بطريقة عمل بعض الجهات الربحية، وربما حتى التي تتمتع بتطبيق كفاءة مالية مقارنة بالإنتاجية مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي مثلا، والذي يظهر لدى المراقب على هذا الموظف إنتاجيته اليومية بل وحتى كل ساعة، وكم دقيقة أمضاها على رأس العمل فعليا وليس في «البريك» أو أداء الصلاة مثلا، بل وحتى كم مريض (زاره بالغرفة) أو خدمه، وكم مرة دخل حتى «دورة المياه» (أكرمكم الله) وذلك برقابة البطاقة الممغنطة التي يحملها تطبيقا مع بصمته للخروج والدخول، والتي غير مسموح له بالخروج حتى لأخذ «سيجارة» إلا بعد أن يبصم لهذا الخروج ويبصم وقت عودته ويا «ويله ويا سواد ليله» إن تم إثبات أنه «مفرّك» دون هذه البصمة.
للعلم مستشفى الملك فيصل التخصصي يعتبر من أفضل القطاعات الصحية تعاملا مع موظفيه من ناحية تقدير واحترام وحفظ حقوق الموظف، ولكنه يستطيع أن يخرج من كل واحد منهم أفضل ما لديه، وهنا يكمن التقييم الحقيقي لأداء الموظف والذي يحصل على تقييم متميز مثلا لو كان فعلا كذلك، وليس مثل بعض القطاعات الصحية الأخرى والتي يكون التميز فيها على حسب «قرابتك» لصاحب من يقوم بتقييمك والذي بالعادة يكون مديرك المباشر و«بس»، وكأنك تعالج مديرك هذا، وتقدم الخدمة له وليست للمرضى الذين هم أولى بتقييمك.
وزارة الصحة حاليا توظف السعوديين والسعوديات في جميع وظائفها بلا استثناء، وهذا يعني أنها تستبدل الموظفين الأجانب وإحلال السعوديين، وهذه الخطوة رغم أنها خطوة جوهرية لتقدم هذا الوطن وازدهاره، وبقاء قوته الاقتصادية والبشرية داخله، إلا أنها قد تكون خطوة تضحي بالجودة الصحية المقدمة، في حال كان الموظف السعودي يعتقد أنه بعيد عن الرقابة والمتابعة، ما قد يجعله عنصرا هداما بدلا مما كان مرجوا منه، كما حصل مع طبيب الأسنان أعلاه.
ما أريد قوله: إننا في عصر تكنولوجي يعيش به الذكاء الاصطناعي أقوى مراحله، ووزارة الصحة تستطيع بهذا الذكاء أن تجعل من موظفيها قوة عملية تنافس أقوى القطاعات الصحية العالمية، نظرا لكثافة الموظفين مقارنة بالأعمال المنوطة بهم، وعليه فإن إدخال الرقابة الآلية في جميع الوظائف والخدمات المقدمة للمريض، والتي تتم بشكل آلي وتوقع عقوباتها من قبل إدارة مركزية لا تتبع للشؤون الصحية المناطقية، يجعلها أكثر صرامة وعدالة، وبالتأكيد أن المريض هو المستفيد أولا من هذه الخطوة ولسان حاله يقول (خطوة جبارة يا وزارة الصحة).