انتهى الإنذار الذي حدده مسؤولون محليون في المجلس الوطني الانتقالي الليبي لاستسلام بني وليد، أحد آخر معاقل معمر القذافي، لكن مفاوضات الفرصة الأخيرة لا تزال متوقعة. وقال القائد عبدالرزاق ناضوري، الرجل الثاني في المجلس العسكري في ترهونة على بعد نحو 80 كلم شمال بني وليد (جنوب شرق طرابلس)، "سنتفاوض مع مشايخ القبائل. إننا ننتظرهم". وكان هذا المسؤول أمهل سكان بني وليد حتى صباح أمس لرفع الراية البيضاء. وأضاف أمس "كل شيء سيتوقف على المفاوضات. إذا رفضوا الاستسلام، سنتقدم. وإذا جرت المفاوضات بشكل جيد، سندخل ونرفع الراية من دون معارك. إنها الفرصة الأخيرة، لكن لا يمكننا إرجاء الإنذار".

وبعد مواجهات بسيطة مساء السبت في محيط المدينة، بدت جبهة بني وليد هادئة صباح أمس ولو أنه تم توقيف المراسلين عند نقطة مراقبة أقيمت في وسط الصحراء على بعد نحو 40 كلم شمال المدينة. وبحسب المقاتلين المحليين، فإن الكثيرين من المقربين من القذافي، وبينهم نجله الساعدي، موجودون حاليا في بني وليد، لكن معمر القذافي نفسه غير موجود فيها خلافا لما أعلنه مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي في الأيام الأخيرة.

إلا أن المجلس الانتقالي عاد أمس وأعلن أنه حدد مكان القذافي، نقلا عن رئيس المجلس العسكري في طرابلس عبد الحكيم بلحاج، لكنه لم يحدد المكان.

وذكر مدنيون فروا من بني وليد أن عددا كبيرا من المقاتلين الموالين للقذافي غادروا بني وليد وحملوا معهم الأسلحة الثقيلة إلى الجبال المجاورة.

وفي بنغازي كرر رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل القول أول من أمس أن أمام الموالين للقذافي مهلة حتى 10 سبتمبر الجاري لإلقاء السلاح.

في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني المجتمع الدولي والنظام الجديد في ليبيا إلى عدم تدمير كل بنية أجهزة الدولة كي لا يتم في ليبيا ارتكاب "الخطأ الفادح" نفسه الذي وقع في العراق. وقال الوزير الإيطالي "إذا عمل شخص ما لحساب النظام ويديه غير ملطختين بالدم، فلماذا تدمير كل البنية، كل الجهاز الليبي كما فعلنا في العراق فارتكبنا خطأ فادحا؟ ينبغي ألا نكرر، ألا نضاعف هذا الخطأ".

ففي العراق أدت عملية "اجتثاث" البعث التي أرادها الحاكم المدني الأميركي بول بريمر بعد سقوط نظام صدام حسين وحل الجيش، إلى وضع مئات آلاف العراقيين في الشارع الأمر الذي عزز صفوف التمرد السني.

وبحسب فراتيني الذي كان يتحدث على هامش منتدى أمبروسيتي الذي يضم شخصيات من عالم السياسة والاقتصاد في تشرنوبيو على ضفاف بحيرة كومو (شمال)، فإنه يتعين على المجتمع الدولي في المقابل أن يساعد السلطات الانتقالية لمنع تسلل "المتطرفين". وأضاف فراتيني أن "النقطة المهمة جدا هي بذل الجهود لاستئصال أي محاولة تسلل لمنظمات متطرفة إلى بنية حكومة ليبيا المستقبلية. يجب أن نساعد منسق الشؤون الخارجية محمود جبريل بقوة في هذه النقطة".

من جهة أخرى، صرح متحدث باسم المجلس الانتقالي في لندن أمس أنه يتعين أن يمثل القذافي أمام المحكمة في ليبيا عن الجرائم التي وقعت في ظل حكمه، بغض النظر عن الاتهامات الموجهة من جانب المحكمة الجنائية الدولية ضده.

واعتبر جمعة القماطي منسق المجلس الانتقالي في بريطانيا أن القذافي ينبغي أن يحاكم في ليبيا. وقال "المحكمة الجنائية الدولية ستحاكم القذافي على جرائم ارتكبت خلال الأشهر الستة الماضية فقط . غير أن القذافي مسؤول عن سجل مروع من الجرائم التي ارتكبت على مدار 42 عاما ينبغي أن يمثل للمحاكمة عنها ويتحمل المسؤولية عنها وهو ما لا يمكن أن يحدث بالشكل المناسب إلا في ليبيا نفسها".

وأضاف أن محكمة ليبية هي التي ستقرر ما إذا كانت ستصدر عقوبة الإعدام على القذافي، غير أنه أضاف "ستكون المحكمة عادلة ونزيهة وستفي بالمعايير الدولية".