الاستراتيجية بشكل عام هي خطة مستقبلية محركها الطموح الجاد والهدف المحدد والطريق الواضح، تتطلب مراحلها المتداخلة (التصميم والتطبيق والتقييم) آليات تنفيذية لتربط بين الغاية والهدف بطريق واضح الاتجاه والمعالم؛ والمشكلة الحقيقية لأي استراتيجية تكمن في التطبيق، فالكل لديه طموح وغاية، والكل لديه هدف؛ ولكن ليس الكل يعرف الاتجاه إلى ذلك الهدف. فالمشكلة التي تواجه التخطيط الاستراتيجي مشكلة تطبيقية وليست مشكلة نظرية، هي مشكلة معرفة كيفية الاتجاه والتأكد من صحته.

وإذا كان الدين الإسلامي العظيم على سبيل المقاربة وليس المقارنة استراتيجي الغاية للفوز بالجنة في الآخرة، واستراتيجي الهدف في الدنيا لعمارة الأرض ونشر قيم التسامح والفضيلة والعدل والإنسانية، واستراتيجي الاتجاه والمقاصد في شريعته؛ ومع كل ذلك وجد الاختلاف ونشأت المذاهب والطوائف، ووجد التطرف لسوء فهم أو تعصب لرأي أو لتحقيق أهداف طريقها الغي والضلال. وهذا في المجال الديني الذي أتمه الخالق ورضيه لنا، فما بالنا باستراتيجيات البشر ونظرياتهم التي لا تخلو من النقص والقصور.

لذلك لا يستغرب انقسام المخططين الاستراتيجيين إلى بضع وسبعين شعبة، يفتي كل منهم بطريقته ويتعصب كل لرأيه لينشأ لدينا العديد من الفجوات الاستراتيجية التي استغلت من قبل الآخرين؛ فنشأت الفجوة الاستراتيجية اقتصاديا وسياحيا لتستفيد منها دول مجاورة، ونشأت الفجوة الاستراتيجية إعلاميا لتوظفها قنوات مناوئة، ونشأت الفجوة الاستراتيجية بين مخرجات التعليم وسوق العمل ليستفيد منها الأجنبي، ولا يحتاج النهار إلى دليل لاكتشاف الفجوة الاستراتيجية الثقافية الموجودة عند جيل الشباب، بين ثقافة (التزمت) وثقافة (الإيمو) وما بينهما مسافة عمر يفنى وشباب يذبل ووطن يخسر وبطالة تتفاقم.

تتويت:

الفجوات الاستراتيجية في أي مجال هي ميزة إضافيه للمنافسين وللمستغلين وللمناوئين، وما لم نهتد إلى الاتجاه الصحيح لسد هذه الفجوات وتحويلها إلى ميزة إضافية لنا، سيكون تطبيق خططنا أقل من طموح المواطن وأدنى من تطلعات القيادة.