خرج من وطنه الأم ليبيا منذ ثمانينات القرن الماضي نتيجة معارضته الشديدة لسياسة القذافي بعد أن اتهم بتحريض الطلاب على تحدي السلطة، ولم يعد لها من ذلك الحين إلا بعد "النجاح المؤزر" لثورة 17 فبراير، ويعقب ذلك تشكيل أول مجلس وطني انتقالي يعبر عن واجهة الثورة الشعبية الذي عين فيه كمسؤول عن إدارة ملفه الإعلامي وهو ما أعطاه صفة أطلقها عليه أصدقاؤه هي "وزير إعلام الثورة"، إنه الإعلامي والمعارض الليبي محمود شمام.

رفض "العنيد الليبي شمام" العودة إلى وطنه بعد الانفراجات في المسار الليبي الداخلي في 2010، حيث سرد في أحد الحوارات الصحفية حينها قائمة استفهامات عديدة لم يجب عنها شمام إلا بعد تحرير موطنه. وقال "العودة إلى الوطن لا تحتاج إلى إذن من أحد، لكن من يعيد الموتى؟ ومن يعيد البسمة للأطفال الذين ولدوا وترعرعوا في المنافي؟ ومن الذي يعوضني عن والديَّ اللذين لم يتمكنا من رؤيتي خلال ربع قرن سوى مرتين؟ من يعوض سنوات الجمر والذل والحرمان؟"

شمام خرج بعد يوم واحد من معركة "باب العزيزية"، ليردد عبارته الشهيرة التي صرخ بها أمام عدسات التلفزة في منتصف مارس الماضي "بإمكان القذافي الخروج عبر الأنفاق من ثكنة العزيزية"، ويعطي رسالة واحدة ظلت هي "خيارات العقيد" لديه في كيفية إنهاء نظامه إما "بالهرب أو الموت"؛ ليستدرك بعدها مقولة "شعبنا الليبي لن يعطيه خيارا آخر".

شمام الذي يساهم اليوم في رسم ملامح "ليبيا الجديدة أو ليبيا ما بعد مرحلة 41 عاماً من حكم العقيد وأبنائه"، عبر مساهمته الفعّالة في تأسيس أول شبكة تلفزة بعد انهيار طرابلس أطلق عليها اسم (ليبيا الحرة) ينتصفها شعار علم الثورة وهو علم الاستقلال الليبي.

اختيار شمام كان الخيار الأنسب من قبل قيادة المجلس الانتقالي، فالرجل يتمتع بعلاقات "عميقة" مع صنَّاع الإعلام في الخليج خاصة في السعودية، بالإضافة إلى تمتعه بكاريزما في العلاقات مع أصحاب القرار في الخليج، خصوصاً مع الأسرة الحاكمة في الدوحة،. يقول عنه أصدقاؤه رغم تلك العلاقات الوطيدة ظل شمام يتمتع بـ"استقلالية حادة في الرأي"، مكنته من عملية التوازن في مسار علاقاته الإعلامية والسياسية، وما يشير إليه أصدقاؤه المقربون أيضاً أن "الرجل خزّان معلومات كبير"، لما يملكه من الأسرار الإعلامية والسياسية التي أمنه عليها أصحاب تلك المصالح.

حينما طلب من أحد المقربين اختصار شمام في كلمات معدودات قال عنه "إنه جمع المتناقضات والتصادمات فهو ليبرالي بحس ثوري"، تاريخياً عرف الرجل بأنه في صفوف أشبال حركة القوميين العرب عندما كان طالبا في الولايات المتحدة، ومن ثم تحول إلى الفكر الليبرالي بعد أن كان قوميا عربيا واشتراكيا.