قالوا: هذا الرجل الجربان يهزأ بنا – وعند العمدة بدأ يروي حكايته..
قال: في مدينتي أثينا أدعى – باسكيل – أحمل خمسة عشر عاما من هموم البحر وخمسة وعشرين عاما أخرى من ترف اليابسة.. سلقت ألف مرة غذائي على أشعة شمس.. وعشت جزءاً هاما من حياتي أقيس المسافة بين صبر أيوب وصبر البحر على احتمال كائن لا يهدأ مثلي.. غادرت مدينتي يوما في الصباح الباكر هربا من امرأة حاولت تأديبي بطريقتها هجرت المدينة بكاملها واختبأت مع أكياس البصل قد ابتعدنا كثيرا عن شاطئ المدينة، ومن هنا بدأت، رأفوا بحالي فأطعموني وأصبحت عاملا على ظهر السفينة تلك خمس سنوات، وبعد أن أصبحت ذا صلة قوية بالبحر حاولوا طردي وإعادتي إلى التراب والأقدار والشوارع التي تخبو فيها كثير من الحقائق في المساء وتبدو أكثر خداعا في الصباح، وفضلت ألا أعود فغادرت إلى سفينة أخرى ومنها إلى أخرى، وهكذا أصبحت ربانا يجيد الاعتناء بمراكبه.. حاولت مرة أن أعمل في أحد أحواض السفن ولكني تذكرت أن مهمتي أن أقود السفينة لا أن أصنعها.. الأمر غاية في الطرافة عندما تعلم أنني الذي أعطيت المواصفات اللازمة لصنع آخر سفينة توليت قيادتها وغرقت..
وابتسم العمدة وقال له: حاول أن تبيع أي شيء لتكسب أي شيء..
قال باسكيل: أبيع ماذا؟
قال العمدة: الحرب على أشدها الآن نحن في عام 47 وأشياء كثيرة يفقدها المرء في الحرب هل الأمر واضح.
قال باسكيل: واضح يا سيدي واضح.. وأدار ظهره ليصبح فيما بعد مليونيرا يشتري السفن الخربة ويصلحها.