لن أتحدث عن العلاقة الوطيدة والقوية بين الشعبين السعودي والمصري، فنحن نعتز بهم إخوة وشعبا تجمعنا بهم علاقة الدين والعروبة والإنسانية، إلا أن سيادة القانون السعودي وكرامة السعوديين ودولتهم خط أحمر بالنسبة لنا نحن السعوديين، هذا القانون يُطبق على كل من يتجاوز المحظور سواء كانوا سعوديين أو مقيمين ارتضوا العيش بيننا، ولا شكّ أن من طبل له إعلاميو "الإثارة الصفراء" بلا مهنية اعتمدت شائعات مجهولة المصدر دون أدلة مادية؛ وروجتها تأليبا لمشاعر المصريين ضد السعودية عن"الجيزاوي" ثم تحوله من محامٍ حقوقي سياسي إلى مهرب أدوية محظورة من المخدرات لأجل صفقة عقدها بـ100 ألف ريال مع إحدى شركات الأدوية؛ شكلت صدمة كبيرة من خيبة الأمل للسياسيين والمثقفين والإعلاميين المصريين، والذين وجدوا في القضية قبل الكشف عن جريمته واعترافه بها من قبل السعودية "كرة" مناسبة للعبهم في ساحة السياسة الداخلية المتشنجة التي يعيشها المصريون اليوم، حيث الانتخابات الرئاسية من جهة ومحاكمة "خجولة" لنظام مبارك الفاسد، ومن جهة أخرى الخيبة التي يعيشونها من وزارة الداخلية المصرية التي حتى الآن لم تعزز الأمن الداخلي ولم تقدم المجرمين ممن أهانوا وأجرموا بحق الثوار وسفكوا دماءهم في عدة قضايا عاشتها مصر خلال العام الماضي وحتى الآن، ناهيكم عن محاولة الإخوان المسلمين اختطاف القضاء المصري مؤخرا من حيز القانون، والتي ظهرت واضحة جدا في قضية الفنان المحبوب عادل إمام! إلا أن الحدث الأكبر الذي يعيشه المصريون اليوم هو تأسيس الدستور الذي سيحمي مستقبل مصر وكرامة ما يزيد عن 80 مليون مصري، هذا الدستور اليوم يعيش مخاضا يحتاج فيه فيما يبدو إلى عملية بتر لكل المتاجرين داخليا من المصريين الذين يريدون اختطافه لصالح تأسيس أنظمة ديكتاتورية دينية سيعيشها المصريون غدا إذا ما سمحوا باختطاف الإخوان لثورتهم.

كل ما سبق كان مبررا لاستخدام كرة "الجيزاوي" بممارسة بلطجة إعلامية تكيل بمكيالين؛ للتنفيس عن السياسة الداخلية المتشنجة ونقلها لساحة "السياسة الخارجية" إلهاءً للمواطن المصري الساخط داخليا على ما يمس أمنه واقتصاده وحياته، ومن جهة أخرى محاولة رخيصة من بعض السياسيين المرشحين للرئاسة في المتاجرة بها كسبا لأصوات الناخبين، فيما بعض الإعلاميين المصريين الذين لا يخفون دعمهم لبعض هؤلاء المرشحين السياسيين وجدوا أن الأهداف تصب في صالحهم أيضا، ولا بد من تعاون لإثارة صفراء، يهدفون من ورائها تحقيق مكاسب سياسية لمرشحيهم ومكاسب مادية من المعلنين لبرامجهم "التوك شو"! ومع الأسف كل هذا يأتي على حساب المواطن المصري والتلاعب بوعيه السياسي لحسابات شخصية تكاد تسعى لاختطاف حقوقه ودستوره!