وعلى الجهة المقابلة، تعمل السعودية بهدوء النبلاء منذ عقود على تطوير البنى الأساسية لرفع كفاءة الطاقة وتعدد مصادرها، كما أن رؤية المملكة 2030 جاءت لتضع مفهوم خليط الطاقة وهو المفهوم القائم على خليط من مصادر طاقية تقليدية كالنفط والغاز ومصادر طاقية غير تقليدية ونظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح ومياه البحر ليصبح الحل الأمثل والأكثر حكمة لمعالجة مشكلة التغير المناخي.
لقد دشنت السعودية قبل عشرين سنة برنامج كفاءة الطاقة في أعمالها البترولية حيث تحكّمت أرامكو السعودية في انبعاثات أعمالها وخفضتها إلى الحدود الدنيا عالمياً ليست فقط في جانب أعمال الإنتاج، بل حتى في جوانب صيانة البنى التحتية لخطوط الأنابيب والسفن والخزانات وصولاً إلى براءات الاختراع لمنع حرق الغازات الكربونية الناتجة وإعادة التقاطها واستخدامها حتى أصبحت السعودية أقل دولة من دول الطاقة بعثاً للكربون بحجم كثافة كربونية هو الأقل في العالم بـ 10 كيلوجرامات من ثاني أكسيد الكربون CO2 لكل برميل نفط، وبكثافة أعمال الحرق المشعلي بمقدار 5 قدم غاز كربوني لكل برميل نفط.
إن الطريقة الأجدى لعالم يتعطش إلى المزيد من النفط والمنتجات النفطية بزيادة 200% بحلول عام 2050 هي اتباع الحلول السعودية وليست الأوروبية من خلال معالجة انبعاثات النفط بعد استخراجه وليس إبقاؤه حبيساً في الأرض للأبد.
لقد جاءت منتجات النفط ومشتقاته لتقفز بجودة حياة الإنسان وصحته وغذائه إلى عهد لم يسبق للعالم أن وصل إليه، فهي تدخل في وقود مركبته وإطاراتها ومنسوجات ملابسه وأحذيته وأغطية طعامه وآنيته وهاتفه الجوال وديكور منزله.
إن السعودية بعد أن أقنعت العالم بنظام إدارة الكربون التي قدمت مسودته تحت مسمى الاقتصاد الدائري للكربون قبل أيام أثناء ترؤسها قمة العشرين، هي تقدم خليط الطاقة كحل مستدام يهدف إلى خفض انبعاثات الكربون من خلال ثلاث طرق رئيسية هي، خفض الاعتماد على النفط لوحده كمصدر من مصادر الطاقة، خفض البصمة الكربونية لمنتجات النفط أي بزيادة كفاءة الإنتاج ورفع قدرة البنى التحتية السعودية على الإنتاج النظيف، وأخيراً رفع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه.
ليس لدي أدنى شك، بأن السعودية تسير بخطى مركزة ودقيقة نحو الهدف مع منافسة بريطانية في مجال الهيدروجين الأخضر لكن السعودية تتفوق بمراحل لأسباب أهمها عزم القيادة، الطبيعة الجغرافية، والملاءة المالية للاستثمار والتشييد، والعقول السعودية والضخ الملياري في مجال الأبحاث.
تقدم السعودية خطتها على أنها ستقوم ببناء أكبر مجمع صناعي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في نيوم والذي سيشكل في 2030 نسبة 10-15% من مصادر الطاقة وهو وقود نظيف ينبعث على هيئة بخار ماء إلى السماء. كما أن السعودية هي حالياً المصدّر الوحيد للأمونيا الزرقاء والهيدروجين الأزرق الذي ستستخدمه دول العالم في إنتاج طاقتها الكهربائية دون أدنى انبعاثات كربونية.
ومع ازدياد الحاجة لوجود منتجات الوقود التقليدي أعطت السعودية الحل لدول العالم من خلال تدوير الكربون ولقطه وهي الدولة الأولى حالياً في القدرة على التقاط الكربون بقدرة تصل إلى 2 مليون طن متري من غازات الكربون.
من هنا يتضح للقارئ المنصف أن السعودية تقوم بتنظيف العالم من خلال منتجاتها النظيفة، ومن خلال تقنياتها النظيفة. ويبقى خليط الطاقة المفهوم الأكثر حصافة للتوازن بين رخاء الإنسان وسلامة كوكب الأرض.