بعد مرور ثلاثة أسابيع تمكنت من صرف دواء كتبه لي الطبيب، ولم تكن موافقة شركة التأمين على صرف الدواء سهلة، وعندما استفسرت وغضبت من هذا الإجراء خاصة وأن المستشفى الذي أعالج فيه بالرياض، ومحل إقامتي في الدمام؛ قيل لي إن الموافقة سوف تأتي، لكنه إجراء لا بد منه، اطلعت على سعر الدواء فلم يكن يتجاوز السبعين ريالا، واطلعت على بطاقة التأمين الخاصة بي فوجدت أنها من الدرجة الأولى، بمعنى أن شركة التأمين تأخذ مبلغا مضاعفا مني مقارنة بالمعدل الطبيعي الذي تأخذه من الأغلبية، وبالتالي يفترض أن أحصل على خدمة أكثر تميزا إلا أنه رغم ذلك (استكثرت) الشركة صرف أربع علب من هذا الدواء دفعة واحدة، وأرغمتني على مراجعتها بعد مرور شهر للنظر في إمكانية صرف الكمية المتبقية.
وأمس السبت قرأت خبرا في إحدى صحفنا يقول إن شابة سعودية في جدة خسرت كل شعر رأسها بسبب مرض أصابها، وقد امتنعت شركة التأمين الصحي التكفل بعلاجها تحت ذريعة أن هذا العلاج يصنف على أنه تجميلي!!
وحسب علمي فإن هناك 25 حالة تمتنع شركات التأمين من علاجها على وزن نفس الحجة التي بررت فيها عدم علاجها لتلك الشابة، رغم أن الحالة واضح أنها مرضية وليست تجميلية، فيا ترى كيف سيكون حالنا وحال وضعنا الصحي لو سلم الأمر كليا لشركات التأمين؟ خاصة وأننا نعلم أن معظم المستشفيات الخاصة غير قادرة على إجراء العمليات الكبرى والمعقدة والأمراض المستعصية، بل الانطباع العام والدائم لدى المواطنين أن مستشفيات القطاع الخاص تتميز بالخدمات وجمال المكان ولكن التشخيص والعلاج لن تجده إلا في المستشفيات الحكومية.
كما أن الواقع يقول إن من يتمتعون بالتأمين الطبي يعالجون في المستشفيات الخاصة عند إصابتهم بالأمراض التقليدية العادية ولكن حينما تتأزم عندهم الأمور يلجؤون إلى المستشفيات الحكومية، ومن هنا أقول تظل المستشفيات الحكومية هي الأكثر نجاعة وخبرة وقدرة على التشخيص والعلاج، وأن الشكوى من الحال التي عليها هذه المستشفيات ليس مبررا لتسليم أعناقنا وأرواحنا وصحتنا لشركات التأمين الجشعة، والتي في ظني أنها تقف وراء الضغط للاستعجال في إقرار نظام التأمين الطبي على المواطنين لتنال حصتها من الكعكة التي ستكون بمليارات الريالات عند إقرار هذا النظام، ومن ثم سوف ندرك قيمة المستشفيات الحكومية حينما نجرب شركات التأمين، فالبعض يظن أن التأمين الطبي يعني أنه متى ما أراد يمكنه التوجه للمستشفيات الخاصة ومتى ما أراد يمكنه التوجه إلى المستشفيات الحكومية، وهذا غير صحيح، لأن الحكومة لن تدفع مرتين، والصحيح أن نأخذ بالنموذج الأوروبي والكندي القائم على تكفل الدولة بعلاج المواطنين في مستشفياتها.
وشكوانا من قلة الأسرة ونوع الخدمة والجودة في المستشفيات الحكومية في طريقها للحل والتغيير الشامل..