لا أفهم كيف يكون ذاك الإعلام متجنيا، وهو الذي يدعي أنه رافع راية الحق والعدل والإنصاف، لا أفهم كيف يسعى لبرمجة عقول مواطنيه؟! وكيف يغير مفهوم الحديث الشريف: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، ويعمد لنصر أخيه في كل أحواله سواء كان ظالما أو مظلوما، يكافح ويناطح ويرتعد ويرتجف، المهم أن يسقط الخصم سواء كان جانيا أو مجنيا عليه؟! ثم إنني أتساءل: كيف يحق له إصدار الأحكام المسبقة على حوادث بعينها قبل سماع كافة الأطراف.. ويتحيز دون وعي ودون إدراك للحقائق؟! وكيف يستطيع التلفظ بما يعيبه قبل غيره؟! ثم كيف يتجاهل المواقف الإيجابية لبلادي تجاه بلاده؟! وكيف لا يقدر أن المحبة أفعال لا أقوال؟ وكيف لا يتوقف عند الأفعال الدالة على محبتنا وحرصنا على مصالح بلاده وشعبها؟!
وللإعلام المصري - الخاص منه بالذات - أقول.. هل تستحق بلادي وحكومتها ورموزها منكم كل هذا؟! وهل أنتم على قناعة أننا كشعب نتقبل تعاملكم وتصرفات القلة منكم تجاهنا كوطن وكرموز سياسية؟! وهل منا من تجاوز حدود الاحترام مع مصر ومع رموزها كما فعل البعض أمام سفارتنا وعبر قنواتكم؟! وهل تعتقدون يقينا أننا عاجزون عن معاملتكم بالمثل؟! وأن قلة الحيل وضعف الحجة هما المحك الذي يفصل بيننا وبينكم؟! ولمن فكر بهذه الطريقة أقول له: فليعلم القاصي والداني أننا نملك من الجرأة والحكمة ما نقيم بهما الحجة عليكم وعلى غيركم، ولكن الحكمة وقوة الحجة لا تعني مطلقا الانزلاق إلى هذا المنزلق، الذي لا يليق بقيمة المملكة العربية السعودية وبشعب كشعبها، ولا يليق ببلادكم التي نكن لها الاحترام والتقدير.
ثم هناك فرق شاسع بين حرية التعبير وقلة الأدب التي مورست من القلة القليلة منكم، والتي تجاهلها الأمن المصري - مع الأسف - وسكت عنها، وساندها إعلامكم وصفق لها وضخمها، بل ألقى الضوء عليها بشكل استفزازي، ثم هل تدبرتم أن القانون في بلادنا لا يسمح بممارسة هذه التصرفات تجاه أي سفارة تقف على أرضنا حتى لو كانت صادرة من رعاياها!
ثم إننا نتعايش يوميا مع أساتذة أفاضل وشخصيات متميزة، نشأت في مصر وحملت الجواز المصري، ونلامس من الغالبية العظمى منهم رقي التعامل وعلو الهمة والتفاني في العمل، ونعجب من الفرق الشاسع بين ما نشاهد ونسمع عبر إعلامكم الخاص، وبين تعامل مصريين يعيشون بيننا ويمدوننا بخبراتهم وعلمهم ويساندوننا في مسيرتنا الوطنية جنبا إلى جنب.. حريصون علينا حرصهم على أوطانهم، وعلاقتنا معهم كانت وما زالت وستبقى بحول الله مبنية على الاحترام والتقدير.
نعم نحن نقدر مصر ونقدر المصريين.. ولكنكم كإعلام ـ خاص ـ لا يمكن أن تكونوا ممثلين عن مصر ولا عن شعبها، فأصواتكم في مجملها نشاز، وتصرفاتكم حاقدة، والحقيقة أني لا أفهم مصدر هذه التصرفات! فبلادي دوما تشعرنا أنكم إخوة لنا، وتحرص على استمرار هذه الأخوة التي تتجدد يوما بعد يوم.
العفو على ما سطر هنا فأنا غاضبة.. فإذا كنتم قد اخترتم ـ كإعلام خاص ـ هذه السياسة الإعلامية كأساس لمناقشة قضاياكم، فهذا شأنكم! ولكننا نطالبكم بالتراجع عن طريقتكم الاستفزازية في طرح القضايا التي تخصنا، نطالبكم بالتعامل معنا بما هو لائق بنا كوطن.. حكومة وشعبا، ومن حقنا أن نفهمكم أنكم لستم أحرارا في التطاول علينا، وأن من يخالف النظام والقانون في المملكة العربية السعودية سواء كان مواطنا سعوديا أو مقيما أو وافدا ستطاله يد القانون بإذن الله سبحانه، وأن أمننا وسلامة مواطنينا والمقيمين بيننا والوافدين إلينا من ضيوف الرحمن خط أحمر لا نسمح بالمساس به أو التعرض له، وأننا أكبر من المهاترات التي تتداول عبر إعلامكم الذي يفترض أن يكون حياديا ينظر إلى الصورة بجميع أبعادها، ويوضح الوقائع ولا يعمد إلى تشويهها، أو يتسرع بإصدار الحكم عليها دون تدبر ودون وعي.
ثم قبل تضخيمكم قضايا فردية وقع عليها حكم القانون، أو تنتظر إصدار حكم القضاء، كان الأولى بكم تدبر عدد وأحوال العاملين في السعودية والبالغ عددهم قرابة نصف مليون مصري، فهل أجبروا على البقاء بيننا أم تآلفت قلوبنا، واستكانوا إلينا كما استكنا إليهم؟!
ثم لا أفهم لماذا وفي الأغلب يكون ضيوفكم ممن يحملون تجاهنا كما هائلا من البغض، وليتهم يعلنون الأسباب الحقيقية الكامنة خلف هذه المشاعر وتلك الألفاظ التي ينثرونها وهم يطوفون بقنواتكم الخاصة الواحدة تلو الأخرى، ثم كيف تسمحون للضيف بالتحدث وإصدار الأحكام دون وثائق ودلائل معتمدة من قبل حكومتكم على أقل تقدير؟ ثم أليس من المجدي التريث قبل إصدار الأحكام، بدل تجييش الناس وتأليب المشاعر تجاه المملكة العربية السعودية؟
ثم ذكروني بمواقف خذلان صدرت من حكومتنا تجاهكم، فسياسة المملكة توجهت وستتوجه بحول الله لتصب في مصلحة الشعب المصري، وأخيرا هل يسمح لنا بالاطلاع على عدد المسجونين السعوديين في السجون المصرية وعلى التهم الموجهة إليهم، أم أن المملكة العربية السعودية تثق تماما أن القضاء المصري لا يمكن أن يتعمد ظلم أحد ـ بحول الله ـ ولذا فلا يسمح بتضخيم قضاياهم؟!