في مسار موازٍ لقمة العشرين التي عشنا أجواءها مؤخرًا، أقيمت قمة أخرى لا تقل عنها أهمية، وهي قمة القيم. أدار هذه القمة باقتدار فريق سعودي بصبغة عالمية، وقادته شابة سعودية متألقة اسمها ديمة، ولها من اسمها نصيب.

استقطبت هذه القمة أهم المتحدثين في موضوع القيم من أنحاء العالم واستعرض كل منهم بضاعته التي عمل عليها عمرًا لا بأس به، بالنسبة لي حملت مداخلاتهم رسائل واضحة ومحددة يمكن اختصارها في قول واحد:

توحّدنا القيم حين تفرّقنا المصالح.


ما معنى هذه الرسالة، وأين نقف منها اليوم ونحن نقرأ توصيات قمة العشرين في الاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة والنمو البشري؟ بالنسبة لي تشكّل القيم طودًا عظيمًا نعود إليه كلما هزتنا أمواج العولمة وفكرنا أن نعيش ويفنى غيرنا، أو أن نتقدم دون أن نلتفت لمن لا تساعده ظروفه وإمكاناته أو موقعه الجغرافي.

عندما نفكر مثلًا في النزاهة كمفهوم إداري ينبغي تطبيقه فمن الواجب أن نضمنها في الإجراءات باعتبارها جزءًا من العمليات لا رقيبًا عليها، مثلها مثل الجودة والإحسان والتميز، فالحديث عن هذه القيم دون تفعيلها ووضعها في الموضع المناسب ضمن الخطط الاستراتيجية يحيلها لسراب نراه ولا نصل إليه.

المصالح كما ذكر القصيبي رحمه الله هي الصخرة التي تتحطم عليها القيم، وهنا تكمن أهمية إدراج قيم عالمية ضمن خطة المصالح الدولية باعتبارها مصلحة مشتركة لا يتقدم العالم دونها، فالفراشة التي ترف بأجنحتها في غابات السافانا ينمو تأثيرها بالتكرار وتهدد سوق المال العالمي، ولا أدل على ذلك مما يعيشه العالم هذه الأيام بسبب جائحة كوڤيد-19 التي عبرنا ذكراها الأولى قبل أيام. لهذا أؤيد ما خلصت إليه توصيات قمة القيم باستمرار أعمالها وترقية أنشطتها الموازية لقمة العشرين لتصبح عمودًا مهمًا من أعمدة القمة، فبدعم قيادتنا الملهمة ستكبر هذه الديمة ويتطور فريقها، أكثر لنصنع أيقونة تروي تعطش العالم لقيمٍ تحميه من أجندات المصالح وتعمل على (استباق الفعل) لا (رد الفعل) في وجه التحديات المختلفة.