وهذه هي الخديعة الكبرى التي أرادها مؤسسو هذه الجماعة باختيار الاسم، لخداع عموم المسلمين وكسب تعاطفهم، وهي الخديعة ذاتها التي تتخذها جميع الأحزاب والمنظمات الحركية الإسلامية من خلال المسميات الدينية، لتكون سُلّماً لتضليل البسطاء.
مناسبة هذا الموضوع هو البيان الأخير الصادر عن هيئة كبار العلماء عن الجماعة وضلالها وتجريم أعمالها. الملفت في هذا أننا جميعاً استمعنا لهذا البيان وهو يتلى على منابر مساجدنا يصدح به خطباء الجمعة الفارطة بتوجيه من وزير الشؤون الإسلامية مشكوراً.
إن التحذير من الغلو والتطرف المفضي للإرهاب، كان هو نهج المؤسسات والرموز الدينية المعتبرة في هذه البلاد منذ زمن الشيخين الجليلين ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله- إلى هذا اليوم، اللذين حذرا من جماعة الإخوان المسلمين في فتاويهما سواء على المستوى الفردي أو من خلال الهيئات واللجان الموجودين ضمنها.
التقت القيادة الدينية مع القيادة السياسية في هذا التوجه في عهود ماضية لكن هذا الالتقاء تجلى في أبهى صوره مع العهد الجديد.
لقد شاهدنا الأمير محمد بن سلمان وهو يطلق وعده الشهير سنة 2017، بأنه سيقضي على ظاهرة الغلو والتشدد التي ظلت دون معالجة حقيقية منذ وقوع أول عملية إرهابية عام 1996.
من منتصف 2017 وخلال عام واحد، بدأ ولي العهد الأمين في قيادة عمل أمني وفكري وإستراتيجي، وإعادة هيكلة عمل بعض الهيئات الدينية، واستطاع من خلال هذه الحملة أن يقوض مشروعا أيديولوجيا تمت صناعته وتغذيته على مدار الـ40 عاما الماضية، الأمر الذي جعل التشدد أمراً ممقوتاً في النسق المجتمعي، ولم يعد له قبول على السطح المحلي.
حزم الدولة تجاه التطرف والإرهاب، أدى إلى تحييد خطر الإرهاب ما مكّن المناطق السعودية أن تنعم بالهدوء والأمن والأمان والسكينة، بعد أن كانت هدفًا للجماعات الإرهابية لأكثر من عقدين ونصف.
خطاب الكراهية والكراهية المضادة الذي يؤول النصوص الدينية في غير محلها، ويوظف حرية التعبير وحقوق الإنسان كمبرر لغايات مشبوهة بعيدة عن سماحة الإسلام، يجعل من المجتمع المحلي المحب للاعتدال والوسطية رافضاً لهذا الخطاب الذي نتج عنه ردات فعل عنيفة تلظى بنارها الوطن وأهله.
كانت رسائل سمو ولي العهد في تصريحه الأخير تؤكد رفض المملكة لكل المحاولات المغرضة في الربط بين الإسلام والإرهاب، باعتبار أن الحرية الفكرية وسيلة للاحترام والتسامح، الأمر الذي يؤكد مكانة السعودية الريادية كقائد للعالم الإسلامي، مع عدم التهاون تجاه أي عمل إرهابي يستغل خطاب الكراهية كمبرر لتنفيذ أعماله الدنيئة.