لا يقتصر الحضور الطاغي لشهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك وممارسة الشعائر الدينية والطقوس والتراحم والمودة، على الفنانين العرب والمسلمين فحسب، بل يمتد هذا الحضور ليتخطى البلدان الإسلامية لتغدواللقاءات والزيارات والتجمعات نوعا من الثقافة التي تبهرالغرب بشكل عام وتدفع فنانين غربيين للتأثر بأجواء العالم الإسلامي لتظهر جلية في نتاجهم من خلال أعمالهم الإبداعية خصوصا التشكيلي منها.في مقدمة هؤلاء الفنانين التشكيليين الذي ظهر تأثرهم بالواقع العربي والإسلامي في جميع إبدعاتهم الشاعرة والتشكيلية كاترين سيمون ستول والتشكيلي الفرنسي آلان ماكس المعروف. وماكس هو فنان تشكيلي معاصر ولد في عام 1950، تتميز لوحاته في عمومها باللمسة العربية والتي تحمل في الوقت نفسه بعدا من أبعاد الحضارة الإسلامية، حيث جسد في لوحاته غالبية التفاصيل اليومية للواقع العربي الإسلامي، جذبته المقاهي والأضواء والزينات في المناسبات الدينية، وجلسات الرجال في الأزقة والحارات. بما يعبرعن الارتباط بالعالم العربي وبالطقوس والعادات خصوصا في المواسم الدينية. يقول ماكس لـ"الوطن:
بالنسبة لي وبسبب ظروفي الخاصة ارتبطت بالعالم العربي وجدانيا وحياتيا قبل أن أرتبط به فنيا لذا من الصعب عليّ التخلص من هذا الارتباط العميق وحينما أرسم لا أفكر في مسألة التميز هذه ولكني أنقل في لوحاتي ما أشعر أنني راغب في تجسيده.
ولكن بشكل عام نجد أن التشكيليين والأدباء الفرنسيين كان لهم السبق في تجسيد البيئة العربية في أعمالهم، وحققت إبداعاتهم نجاحا شهدته أكبر وأهم المعارض في كل من باريس ولندن مما دفع نظراءهم التشكيليين من أميركا وسويسرا وألمانيا وغيرها من بلدان الغرب إلى أن يتجهوا في أسفارهم نحو الشرق وحضارته. أما عن سرهذا الارتباط على المستوى الشخصي بالعالم العربي والحضارة الإسلامية فيرى ماكس، أنه ليس في الأمر سرا، موضحا: لقد عانيت كثيرا في حياتي.. ولدت في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في باريس، واختفت والدتي بعد ولادتي مباشرة، وتاه الأب ما بين التشرد والفقر، وفي سن الخامسة عشرة من عمري أو أصغر قليلا فررت من عائلتي ومنزلي، وضاقت بي السبل حتى عملت في البناء كعامل صغير، والحياة بهذا الشكل ليست سهلة على الإطلاق فتى صغير بلا عائلة أو عمل ثابت وفي مجال ليس بالسهل، ولكن هذا العمل جعلني أقترب كثيرا من العرب المتواجدين في باريس حيث كان الكثيرون منهم يعملون في مجال البناء، وقد عوملت من قبلهم أفضل معاملة يمكن أن يلقاها فتى في مثل ظروفي، ومن خلال تجمعاتهم الاجتماعية الدافئة في بعض المقاهي الخاصة بهم ووجودي الدائم معهم وارتباطي بهم تعرفت على الكثير من عادات وتقاليد العرب والإسلام. ويتابع لقد كان لقائي بهم سببا في تغيير حياتي حيث جاهدت وتعلمت وشاركت في ثورة مايو 68 ودرست خلال فترة اعتقالي واكتشفت بعدها الأدب والرسم وتدرج بي الحال فيما بعد حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن. لذلك أجد أن ارتباطي بالعالم العربي والإسلامي وبكافة الطقوس والتفاصيل والعادت العربية جزءا من تكويني وحياتي، حتى إني في الأعوام من 1987 وحتى عام 2000 أنجزت أكثر من زيارة إلى تونس والمغرب ومصر والنوبة في الجنوب المصري ومكثت في تلك البلدان لمدد ليست بالقصيرة وكأني عبر لوحاتي استعيد نفسي من خلال هذه الزيارات.