جهلها بالأنظمة أدى بها إلى أن تقضي العيد خلف القضبان بعد أن أقحمت من قبل زوجها وشقيقها في تهريب المخدرات، فيما ساق القدر أم أحمد إلى جمعية خيرية مدت لها يد العون لتدارك نفسها في اللحظات الأخيرة قبل الدخول في ظلام المخدرات.

ولم يشفع صغر سن طالب في الصف السادس من الاستمتاع بدوي الألعاب النارية ومسابقة أقرانه للحصول على العيدية بعد أن استغلت عصابة لبيع المخدرات ظروف أسرته المادية وزجت به في السجن.

داء يداهم العالم

أكد مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية بالمملكة الخبير الدولي بالأمم المتحدة عبدالإله بن محمد الشريف في تصريح صحفي إلى "الوطن" أن آفة المخدرات ضربت كافة دول العالم، لما لها من أضرار بالغة على الشعوب والمجتمعات وعلى أمن الدول واقتصادياتها، وقال "المخدرات بأنواعها وأصنافها ومسمياتها داء يداهم العالم بأسره".

وبين الشريف أن المخدرات تهدد الجسم بالمرض والعقول بالانحراف وسوء السلوك، لافتا إلى أنها في الوقت الراهن من أكبر المعضلات لأخطارها الجسيمة وقال "إن ما نشاهده من انتشار للجريمة والجريمة المنظمة خلف ضررا كبيرا على أفراد المجتمعات وتسبب في تشتيت الأسر وإصابتهم بالأمراض النفسية والذهنية ولم يقتصر ذلك على أفراد بعينهم بل امتد تأثيره ليطال النساء والأطفال والشيب"، وكشف الشريف أن القضية في تنام ملموس والمؤشرات الإحصائية التي تنشرها الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات تؤكد هذا التزايد العالمي وأن الوطن العربي ليس بمعزل عن التجارة العالمية الخطيرة، وقال "ارتفع عدد الفتيات اللاتي انخرطن في براثن المخدرات خاصة من حيث إقبالهن على المواد المسكنة، بالإضافة إلى أن ضعف الشخصية ومحدودية المهارات الاجتماعية والتفكك الأسري عوامل أساسية أوقعتهم في قضايا المخدرات وتسببت في دخولهن السجن وحرمانهن قضاء العيد مع أسرهن"، وعن الحلول لإبعاد المرأة عن براثن المخدرات قال "يجب إشراك المرأة في الأنشطة التطوعية والرياضية وتمكينها من ممارسة هوايتها لتصبح عنصرا فعالا في المجتمع ويتم بذلك إخراجهن من تلك الحالة النفسية".

إقحام في المخدرات

من جانبه قال ولي الأمر، عبدالله بن مرعي "استغلت عصابة مخدرات ظروفي المادية واستطاعت أن تستدرج ابني بخيوطها ليبيع لهم الحشيش المخدر وهو ما أدى إلى القبض عليه.

وأضاف أنه لم يكن يخطر في باله في يوم من الأيام أن يرى ابنه الذي يدرس في الصف السادس يسلك ذلك الطريق وقد حكم عليه بالسجن، مشيرا إلى أنه يخشى أن تدور الدائرة على إحدى بناته في عمليات مشابهة.

إلى ذلك قالت أم أحمد إنها كادت أن تكون ضحية لأحدى عمليات التهريب وخصوصا بعد أن ترملت وضاق بها الحال لولا أنها تداركت الأمر في اللحظات الأخيرة وعاد بها رشدها إلى الطريق الصواب والرجوع إلى إحدى الجمعيات الخيرية التي لم تقصر في مد يد العون لها ولأبنائها.

تغرير

وكشفت رئيسة القسم النسائي بلجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمنطقة جازان عائشة بنت شاكر الزكري أنه من خلال الزيارات الميدانية ثبت تورط عدد من المواطنات في العديد من قضايا المخدرات وعمليات التهريب، وأضافت "ومن خلال شكوى النزيلات وجد أن هناك حالات تعرضن للتغرير من قبل أولياء أمورهن وذلك بسبب استغلال الولاية والقوامة"، وأضافت "ومن خلال دراسة اللجنة لتلك الحالات وجد أن المتورطات أقدمن على ذلك بالإكراه والتعنيف الجسدي" وأشارت الزكري إلى أن حالات النزيلات لا تكاد تنتهي إلا بتكاتف الجميع وأن تورط النساء والفتيات في عمليات التهريب كان بسبب ما يعانينه من ظروف مادية صعبة وهم في غالبية الأمر من المطلقات والأرامل.

ولفتت إلى أن هناك العديد من الحالات التي تمت دراستها كانت أكبر وأعمق وهو أن ما يدفع بالمرأة إلى التورط في قضايا المخدرات المختلفة هو جهلها بالأنظمة والقوانين والعقوبات المترتبة على ذلك، وأفادت رئيسة لجنة رعاية السجناء أن من ضمن تلك الحالات التي تمت زيارتها ميدانيا هي حالة لامرأة غرر بها زوجها بل أقحمها في الذهاب معه في إحدى عمليات التهريب مهددا إياها بالطلاق إذا امتنعت عن ذلك إضافة إلى ذلك أنه أوهمها بأنها ستخرج بالكفالة حتى لو قدر لها الوقوع في قبضة رجال الأمن والآن هي في عنبر وهو في عنبر آخر، وأضافت الزكري "أن الحالة الأخرى التي تمت زيارتها ميدانيا هي لامرأة مطلقة ولديها صك إعالة لـ8 من أبنائها ولا تجد أي دخل مادي يؤمن قوت أبنائها ويوفر لهم سبل العيش الكريم.

وشددت الزكري على أهمية توسيع دائرة التوعية القانونية للمرأة على وجه الخصوص والمجتمع بشكل عام وأن ذلك يتطلب من الإعلام ومن المؤسسات التربوية دورا أكبر في إبراز هذه الظاهرة وما يترتب عليها من عواقب وخيمة وأن على جمعية حقوق الإنسان تكثيف الزيارات الميدانية للنزيلات خصوصا اللاتي من خارج المنطقة وإرسال عدد من النساء المتخصصات للوقوف على أحوالهن.

استغلال

وأوضح رئيس حقوق الإنسان أحمد البهكلي أن ما تتعرض له النساء من إقحام وإجبار يسمى استغلالا للنفوذ وهذا ضد حقوق المرأة ولا يتفق مع حقوق الإنسان ولا مع النواحي النظامية والشرعية وهو من أشد أنواع الابتزاز، مشيرا إلى أنه طالما أن المرأة قد أقحمت على شيء لا تريده فهي لم تنو ذلك من الأصل وإنما كانت تريد دفع ضرر أكبر كخوفها على نفسها وعلى أبنائها أو أن يصل بها الحد إلى الطلاق.

وبين البهكلي أن المرأة كما أن لها حقوقا فهي مكلفة بواجبات من ضمنها الحفاظ على الأمن فإذا كانت راضية وساهمت في التمويه والتضليل على رجال الأمن فهي تستحق ما يطبق في حقها من عقوبة.

ولفت إلى أن المرأة قد تعلم عن أشياء ليس بمقدور الرجل معرفتها وذلك بحكم قربها وما تتمتع به من خصوصية فهي مستودع لأسرار أبنائها ويجب عليها عدم السكوت حينما تعلم بما يدور من خفايا قد تسير بأبنائها أو أشقائها أو حتى لو كان زوجها إلى ذلك النفق المظلم، وأضاف "وهناك بعض النساء قد يدرن بعض الرجال في عصابات جرائم المخدرات كونهن أشد تأثيرا وأكثر مهارة في التأثير على الرجل من تأثير الرجل على المرأة وأن عدم توقع المجتمع أن تكون المرأة مصدرا لمثل تلك المخالفات يساعدها على إتقان دورها على الوجه الأكمل".

وعن دور جمعية حقوق الإنسان في الوقوف مع النزيلة التي ساقها قدرها لأن تعيش خطأ غيرها وأدخلت السجن قال "إن الجمعية مع أنها ليست جهة تحقيقية ولكنها ستسهم في حل قضيتها بالتواصل مع كافة الجهات المعنية إذا ثبت فعلا أنها تعرضت لضغوط من زوجها شريطة أن تتقدم بشكوى".

برامج

وأشار رئيس لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم "تراحم" بمنطقة جازان علي بن موسى زعلة إلى أن اللجنة تنفذ العديد من البرامج بمناسبة عيد الفطر وذلك بهدف التخفيف من معاناة النزلاء والنزيلات وأسرهم وإدخال مشاعر الفرح والسرور إلى نفوسهم، وبين أن من هذه البرامج تقديم كسوة العيد بعد إبرام اللجنة لاتفاقية مع أحد المراكز التجارية بمبلغ 50 ألف ريال لكسوة 100 من أسر النزلاء يتم صرفها بموجب كوبونات قيمة كل منها 500 ريال بالإضافة إلى تأمين كسوة أخرى مع متعلقاتها الشخصية لأربعين نزيلة من جنسيات مختلفة وللأطفال المرافقين لأمهاتهم بسجن جازان العام، بالإضافة إلى تنظيم اللجنة لبرنامج ترفيهي يسهم في إدخال الفرحة والبهجة في قلوب أبناء وبنات السجناء وذلك بمبادرة من إحدى مدن الألعاب بمدينة جازان.

محاضرات

وعن دور الجامعات والمؤسسات التربوية في تثقيف المجتمع وتوعيته بأضرار المخدرات وما يترتب عليها من عقوبات وخيمة أوضح عميد شؤون الطلاب والطالبات بجامعة جازان الدكتور حسن بن حجاب الحازمي أن الجامعة وإيمانا منها بالدور الكبير في توعية أبناء المجتمع بكافة فئاته فقد "تبنت الجامعة سلسلة من المحاضرات والندوات للتوعية بأضرار المخدرات شارك فيها مدير عام المخدرات بجازان العقيد سعود بن راشد العصيمي ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبدالرحمن المدخلي ورئيس مجلس إدارة جمعية التوعية بأضرار القات بمنطقة جازان علي بن شيبان العامري بالإضافة إلى مشاركة استشاري الطب النفسي بجامعة جازان الدكتور رشاد السنوسي.

وتابع "واستهدفت المحاضرات طلاب الجامعة تحدثوا فيها عن أهمية توعية جميع أفراد المجتمع بأضرار المخدرات وكيفية محاربتها بالإضافة إلى تنظيم محاضرات لطالبات المجمع الأكاديمي بمشاركة عدد من المتخصصات في المجال التوعوي.

وبين الحازمي أن الجامعة قامت بدور مهم وهو ترسيخ ثقافة محاربة المخدرات وتدعيم مفاهيم الانتماء للحقل التوعوي وتفعيله في المحيط المجتمعي بالإضافة إلى الوقوف بصلابة تساندها مرتكزات علمية وبحثية وأكاديمية للحيلولة دون انتشار هذه الآفة الخطيرة على المجتمع وأضاف الحازمي أن لدى الجامعة مسابقة سنوية حول تصميم أجمل ملصق توعوي يحاكي أضرار المخدرات لافتا إلى تنظيم الجامعة لمعرض فني لعرض تلك الأعمال كما صممت الجامعة عشرة آلاف ملصق وزعت داخل الجامعة وخارجها بالإضافة إلى ما يقوم به أعضاء هيئة التدريس من دور في الحد من تفشي ظاهرة المخدرات وذلك بغرس المبادئ والقيم في نفوس الطلاب والطالبات وزوار الجامعة.