لن تحتفل ليبيا بذكرى "ثورة الفاتح" اليوم، بعد أن فر زعيمها وغاب عن السمع، وسقط نظامه تحت ضربات الثوار بعد نحو سبعة أشهر من الانتفاضة الشعبية.

فعداد الثورة توقف عند الرقم 41 عبر لوحة عملاقة نصبت في طرابلس قبل عام، كانت إيذاناً بدفن حكم "الجماهيرية".

في حين أكد سيف الإسلام القذافي أنه موجود في ضاحية طرابلس.

وقال عبر قناة "الرأي" أمس: أطمئنكم، نحن بخير والقيادة والقائد بخير، ومبسوطين ونشرب الشاي والقهوة وقاعدين كلنا مع أهلنا ونقاتل ونجاهد.




أصبحت احتفالات "الفاتح" التي كان العقيد القذافي يقيمها كل سنة في ذكرى "الثورة" التي حملته إلى السلطة في الأول من سبتمبر 1969 من مخلفات القرن الماضي. فالثورة الجديدة دفنت "حكم الجماهير" الذي فرضه "القائد" الفار حالياً، وكتب على لوحة عملاقة على جادة واسعة في طرابلس تصل إلى قلعة باب العزيزية "41 ليس مجرد رقم بل هو الحياة". وهذا ما تبقى من نظام انتهى مع رحيل آخر الموالين لرجل ليبيا القوي في الماضي.

وكان المتظاهرون توقعوا في أحد شعاراتهم خلال التمرد الذي تحول إلى حركة مسلحة بسرعة، بألا يحيي القذافي الذكرى الثانية والأربعين لانقلابه. وقد هتفوا في ساحات بنغازي وغيرها من المدن الليبية "بوشفوشة الفاتح ما عاد نشوفه". كما هتف المتظاهرون "باي باي نلتقي قريباً في لاهاي" على أمل إحالة القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويذكر الذين تجاوزوا الخمسين من العمر زمن ليبيا في عهد الملك المسن إدريس السنوسي الذي أطاحه القذافي. ويقولون إنها كانت مملكة هادئة وإن كانوا يعترفون بأنها كانت خاضعة للغرب. وقال سعيد الأسود أستاذ العلوم السياسية في جامعة الفاتح في طرابلس "كنا نعيش بهدوء وسكينة"، مشيراً إلى غنى الأفكار السياسية لدى النخبة حينذاك. وأضاف أن "القذافي استغل توق الليبيين للحرية ليستولي على السلطة"، قبل أن يعدد أخطاء العقيد.

وفي التاريخ، تولى القذافي السلطة عندما كان جورج بومبيدو رئيساً لفرنسا وريتشارد نيكسون في البيت الأبيض، مما دفعه إلى القول مؤخراً إنه عميد قادة العالم. وبعد وفاة الزعيم المصري جمال عبد الناصر، لم يعد لدى القذافي سوى فكرة واحدة هي الوحدة العربية التي يريد فرضها بأي ثمن. وقد قام بمحاولات من هذا النوع مع جيرانه، باءت كلها بالفشل. ودعمت ليبيا القذافي قضايا الكاثوليك الايرلنديين والباسك الأسبان وثوار نيكاراجوا وجذبت المتشددين من الفلسطينيين وتعالت على الدول العربية. وبعدما خيب العرب أمله، التفت إلى إفريقيا وأعلن نفسه "ملك ملوكها" بينما كان الليبيون ينتقدون.