أعلن المركز الوطني للزلازل والبراكين تحركه، لدراسة وجمع بيانات عن الهزات الأرضية شمال شرقي محافظة القنفذة، في وقت سجلت محطات الرصد الزلزالي بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية أمس هزة ثالثة عند الساعة 6:09 مساء بقوة 3.4 درجات على مقياس ريختر، بعد هزتي الاثنين الماضي.
وقال مدير المركز المهندس هاني زهران لـ"الوطن" إن فريقا متخصصا انتقل إلى مركز بؤرة الهزة قرب قرية ساحلية تسمى "صبيا بلومة"، وإن أعمال الدراسات وجمع البيانات مستمرة من قبل الفريق المتخصص.
ولفت إلى أن القنفذة تقع ضمن نطاق المناطق المعرضة للزلازل والبراكين في المملكة، مشيرا إلى أن المركز يدرس أساليب الاستعداد لمواجهة هذه التغييرات، والحسم في اتخاذ القرار المناسب واستخدام الإمكانات المتاحة، للتقليل من الخسائر.
في حين طالب بيان الدفاع المدني المواطنين بمتابعة وسائل الإعلام المرئية وما يرد فيها من فلاشات توعوية لمثل هذه الحالات.
من جانبه، وصف الخبير الجيولوجي أستاذ علم البيئة الدكتور علي عشقي، ما أصدره المركز الوطني للزلازل والبراكين حول "هزات القنفذة" بـ "غير المقنع والدقيق"، وقال لـ"الوطن" إن هيئة المساحة الجيولوجية والمركز الوطني للزلازل لم يحددا على وجه الدقة موقع الهزات وتركا الأمر للتكهنات والتخمين.
واستغرب تجاهل الدراسات الرصـينة والتوعية الحقيقية والملموسة لأفراد المجتمع كافة، بحسب قوله، معتبرا أن الوضع لا يحتمل السكوت عنه.
سجلت محطات الرصد الزلزالي بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية الساعة السادسة وتسع دقائق مساء أمس، هزة أرضية ثالثة بقوة 3.4 درجات على مقياس ريختر، شمال شرقي محافظة القنفذة.
وقال مديرعام المركز الوطني للزلازل والبراكين بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية المهندس هاني محمد زهران لـ"الوطن"، إن الهزة الثالثة التي رصدت مساء أمس، وبلغت قوتها 3.4 درجات كانت على عمق 31 كيلومترا في باطن الأرض.
وأوضح أن الهزة الجديدة وقعت في نفس المنطقة التي ضربتها هزتان أرضيتان الاثنين الماضي، بلغت قوة الأولى منهما 4.4 درجات، والثانية 3.4 درجات على مقياس ريختر، حيث شعر سكان المحافظات والمراكز المجاورة بهذه الهزات، ولم تسجل معها أية أضرار. وكشف عن أن فريقا متخصصا انتقل منذ بداية وقوع الهزات الأرضية شمال شرقي القنفذة، وتوجه إلى مركز بؤرة الهزة قرب قرية ساحلية تسمى "صبيا بلومة"، وأن أعمال الدراسات وجمع البيانات مستمرة من قبل الفريق المتخصص.
وشدد على أن منطقة الزلزال ضمن نطاق المناطق المعرضة للزلازل والبراكين في المملكة، وهي المناطق الواقعة على خليج العقبة وجازان وأغلب المدن الواقعة على ساحل البحر الأحمر ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وأن الأخيرة بها مصدر بركاني في الجزء الجنوبي منها، ينتج عنها زلازل بركانية، قد تؤثرعلى المدن والقرى المجاورة، ودرجة الزلازل في هذه المناطق نسبية، ولكن أقصاها يكون في المدن الواقعة على خليج العقبة في الشمال الغربي من المملكة، والجنوب الغربي من المملكة وهي منطقة جازان.
وأشار زهران إلى أن المركز الوطني للزلازل والبراكين بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية يعمل على إجراء دراسات للتقليل من مخاطر الزلازل، تشتمل على ثلاثة محاورهي تحديد مصادر الخطر الزلزالي ودراستها تفصيليا من خلال بيانات شبكات الرصد الزلزالي وتصميم المنشآت المقاومة للزلازل، وتوعية المواطنين بظاهرة الزلازل وكيفية السلوك الأمثل أثناء وقوعها. وذكر أن الاستعداد لمواجهة الزلازل عموما والوعي بأبعادها ونتائجها المحتملة وكيفية مواجهتها والسرعة والحسم في اتخاذ القرار المناسب واستخدام الإمكانات المتاحة، تساعد على التقليل من الخسائر وتخفيف آثارها، وهو ما تهدف إليه تلك الدراسة.
تحليلات غير مقنعة
من جانبه، وصف الخبير الجيولوجي وأستاذ علم البيئة الدكتور علي عدنان عشقي، ما أصدره المركز الوطني للزلازل والبراكين حول "هزات القنفذة" بـ "غير المقنع والدقيق"، وقال في تصريحات إلى "الوطن" إن هيئة المساحة الجيولوجية ومركز الزلازل لم يحددا على وجه الدقة موقع الهزات وتركا الأمر للتكهنات والتخمين إضافة إلى أن المنطقة الغربية من المملكة وبالتحديد "الحجاز" والتي تعتبر منطقة ذات نشاط زلزالي وبركاني لا يوجد بها سوى مرصد صغير "يدوي" بمركز العيص، وهو أمر يدعو إلى الاستغراب كون هاتين الجهتين منوط بهما جانب خطير للتعامل مع الكوارث بالدراسات الرصينة والتوعية الحقيقية والملموسة لأفراد المجتمع كافة وتنظيم زيارات ميدانية لطلبة الجامعات والمدارس للتعر ف على عمل المراصد والتوعية بالتصرف الصحيح وقت حدوث مثل تلك الأزمات ، خصوصا أن الوضع لا يحتمل السكوت عنه على حد تعبيره.
وأشارعشقي إلى وجود دراسة في غاية الأهمية للخبير الأميركي الدكتور جون روبول الذي قضى أكثر من عشرين عاما من عمره في دراسة حرات الحجاز وأصبح مرجعا علميا بكل ما يتعلق ببراكين وحرات الحجاز وتحدث عن نشأة الصدع الحجازي أو الخسف" Rift" الحجازي، الذي أكد عشقي أنه ما زال يكتنفها الغموض، وقد توصل الدكتور جون لوضع ملامح هذا الخسف، وتنبأ بتكون بحر أحمر آخر موازٍ للبحر الأحمر على طول الخسف الحجازي، ولكن لم يتطرق الدكتور جون إلى الأسباب الجيولوجية التي أدت إلى نشأة وتكوين هذا الخسف.
الخسف الحجازي العظيم
وأشار إلى أنه وبعد قراءات متأنية فيما كتب من بحوث عن وادي الصدع أو الخسف العظيم في شرق القارة الأفريقية East Afr i ca’s Great Rift Valley، وكان آخرها ما كتبه كل من الخبيرين الجيولوجيين الأميركيين James Wood و Alex Guth اللذين يعملان في جامعة ميتشجان، اتضح أن الخسف الأفريقي العظيم لا يرتبط فقط بمنطقة القرن الأفريقي بل يمتد جنوبا بفرعين: الفرع الأول يتجه ناحية الشرق ليعبر كينيا ويقسمها إلى نصفين من الشمال وحتى الجنوب، ويمتد هذا الخسف حتى يصل إلى جنوب تنزانيا، وقد أطلق على هذا الخسف أو الصدع اسم الخسف الكيني Kenya Rift .
أما الفرع الآخر من الخسف فيتجه ناحية الغرب ويطلق عليه اسم خسف البرتاين Albertine Rift والذي يضم بحيرات أفريقيا الشرقية العظمى. وتحول الخسف الأفريقي العظيم إلى ما يسمى الآن بنظام الخسف الأفريقي الشرقي العظيم.
وقال الدكتورعشقي "في رأيي إنه طالما لهذا النظام المتصدع الأفريقي أفرع كثيرة تمتد على طول شرق أفريقا ووسطها حتى منطقة البحيرات العظمى، فلماذا لا يكون لهذا الخسف العظيم فرع آخر يمتد شمالا عبر مضيق باب المندب على طول غرب الجزيرة العربية؟، وهو ما أطلقت عليه اسم "الخسف الحجازي العظيم" وهناك أسباب قوية تؤيد هذه النظرية".
وأضاف عشقي، أن هذا يعني أن الصفيحة العربية قد انقسمت إلى صفيحتين؛ صفيحة غربية صغيرة سنطلق عليها اسم الصفيحة الحجازية إضافة إلى الصفيحة العربية، وهذا السيناريو مطابق ومشابه تماما لما يحدث في منطقة الخسف الأفريقي العظيم، حيث انقسمت الصفيحة الأفريقية إلى صفيحتين، صفيحة صغيرة أطلق عليها اسم الصفيحة الصومالية وصفيحة أخرى أطلق عليها الصفيحة النوبية.
ويتوقع الخبراء الجيولوجيون أن الصفيحة الصومالية ستنفصل يوما عن الصفيحة النوبية لتكون على هيئة جزيرة في المحيط الهندي،
وتساءل عشقي: هل ستنفصل الصفيحة الحجازية عن الصفيحة العربية، ليصبح الحجاز جزيرة أو عدة جزر في البحر الأحمر، أم سيتكون بحر أحمر آخر يفصل الحجاز عن الصفيحة العربية كما ذكر العالم الأميركي جون روبول؟ مؤكدا أن التغيير قادم ولكن على المقياس الزمني الجيولوجي.
تبعات الهزات
إلى ذلك، لم تهدأ تبعات هذه الهزات لدى أهالي محافظة القنفذة والمراكز المجاوة لها، وطغت حكايات الزلزال على "تجمعاتهم العيدية" وتناولوه بشيء من التفصيل والتحليل والمناقشة، وإن كانت الأحاديث التي دارت بينهم من قبيل "أهمية الاستغفار"، والعمل على تطبيق إجراءات السلامة في تشييد المباني لتكون مقاومة للزلازل، واتباع إرشادات التصرف الصحيح.
المواطن سعيد السيد من سكان محافظة القنفذة، أكد لـ "الوطن" أنه شعر بالهزة الثالثة مساء أمس، مشيرا إلى أن الهزة رافقتها أصوات قوية مثل الرعد، وأنه كان يعتقدها أصوات معدات تسوية الإسفلت في الشوارع المجاورة، إلا أنه فوجئ بسكان الحي وقد خرجوا من منازلهم يتساءلون عن نفس الصوت.