وفي ظل هذه الأزمة وأمام مثل هذه التحديات يكون العمل التطوعي من أهم الوسائل لتخفيف عبء الاستنزاف، ولمعالجة جوانب الضعف وسد بعض ثغرات الحاجة في مختلف المجتمعات الإنسانية، والمتطوعون وعبر مُؤسساتهم التطوعية والإنسانية والخيرية تُحركهم المشاعر الصادقة نحو مد يد العون لشريحة من أفراد المجتمع وقضاياه في ظل أزمة كورونا، والتي طالهم الضرر وتقطعت بهم السُبل وضاقت بهم الحاجة، وليس لهم بعد الله تعالى إلا المؤسسات والبرامج والهيئات الخيرية والتطوعية.
وبما أن العالم يمر بحدث غير مسبوق وأزمة شاملة وتداعيات قاسية، فإنه في المقابل يشهد جُهودا مميزة في مواجهة هذه الأزمة عبر ريادة الأعمال التطوعية الإبداعية من قبل المُؤسسات التطوعية والجهات المانحة التي تدعمها، والتي امتازت بالاختلاف عما مضى قبل أزمة كورونا في النوعية وطريقة الأداء، وكان في مُقدمة الأعمال التي امتازت بها طبيعة مرحلة العمل التطوعي هي دعم الجهود الصحية ومساندتها ودعم المتعطلين عن الأعمال ومساعدة الأسر في إيصال احتياجاتهم الأساسية ومساعدة الطلبة المحتاجين في التعلم عن بعد وتوفير جميع مستلزمات التقنية، والوقوف بجانب الحرفيين والمزارعين في تسويق منتجاتهم.
ومن أهم المبادرات التي تُشيد بجهود الأعمال التطوعية وتقوم على تكريم المبدعين في ريادتها «قلادة مُؤسسة الأمير محمد بن فهد العالمية» لأفضل الأعمال التطوعية على مستوى العالم في نسختها الثالثة، والتي تُعلن نتائجها في الخامس من ديسمبر المقبل بمقر ورعاية جامعة الدول العربية، وتنظيم الاتحاد العربي للتطوع بمملكة البحرين، وبالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين بمصر وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والمعهد العربي للتخطيط بالكويت، وتأتي هذه المسابقة ضمن أهداف مُؤسسة الأمير محمد لنشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمعات العربية خصوصا والعالم بشكل عام، وتستهدف القلادة مُؤسسات المجتمع المدني الأهلي والفرق التطوعية في المجالات الصحية والتعليمية والتمكين الاقتصادي والتراث والفنون والمياه والبيئة والتسويق والإعلام المجتمعي.
إن العديد من القضايا الإنسانية في كل المجتمعات المتقدمة والنامية في وقت الأزمات تتطلب مُبادرات إنسانية ووطنية تقوم عليها جهات تطوعية ومتطوعون وداعمون، يُؤمنون بأن العمل التطوعي من أهم مقاييس قيم المجتمعات المتحضرة التي تعي ثقافة العمل التطوعي وأثره الإيجابي في التنمية على المستفيدين والمتطوعين والارتقاء بهم، وأن من أهم الاتجاهات التي رسمتها رُؤية المملكة 2030 لتحقيقها هي الوصول إلى مليون متطوع في كافة المجالات والتخصصات الذين يُشاركون الوطن في نهضته بجهودهم ووقتهم وإمكانياتهم، مهما كانت بسيطة.