لم أجد مصطلحاً يختصر علي الكلمات كـمصطلح "التراتبية الفاشية" الذي أورده المسرحي سعدالله ونوس (1941 – 1997)، في كتابه "هوامش ثقافية".

النظر بعين إلى هذا المصطلح، وبالأخرى على واقع بعض مؤسساتنا الحكومية والأهلية؛ يعكس، بقناعة تامة، صورة السلطة المطلقة التي يمارسها الوزير/ المدير/ الرئيس/ الضابط/ الخفير... على من يقعون داخل دائرة نفوذه الوظيفي والسلطوي، في ظل أنظمة وقوانين وضعت أساساً لخدمة هذه التراتبية بكل ما فيها من سلبية، وبعض ما فيها من إيجابية.

بالتأكيد، أن "التراتبية" - وهي التنظيم الهرمي- مطلوبة ومهمة في تنظيم وجودة العمل، ولكنها تصبح "فاشية" حين يتيح النظام المرفق بها للرئيس السلطة المطلقة، ويبرز صلاحياته، فيما يجبر المرؤوس على الطاعة المطلقة، ويغيّب حقوقه، والتي ربما يتم إيرادها ككلمات مجردة من الفعل.

سأقرب الصورة أكثر: كم مرة سمعنا عن موظف فَصل أو فُصل من وظيفته بسبب محاولته كشف فساد رئيسه في العمل؟ وعن موظف حرم من الترقية والحوافز بسبب عدم تملقه لرئيسه؟ وآخر يتجرع الظلم ويصمت خوفاً على مصدر رزقه؟ أليست السلطة المطلقة والتراتبية التي تخدمها والأنظمة التي تشرعها المسؤولة عن ذلك؟

اليوم، تنوء أروقة دواوين "المظالم" بمئات القضايا التي يقف خلفها التعسف الوظيفي، والسلطة المطلقة، بسبب غياب التنظيم الواضح والمفعل والعادل.

وبما أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة؛ فنحن بحاجة ماسة إلى نفض الغبار عن كل أنظمتنا القديمة، وتشريحها مجدداً، واستعراض تراتبيتها، والتفتيش بين سطورها عن تلك العبارات التي تفرد المساحة للسلطة، وتشجع الفساد والظلم، وتجبر الموظف على أن يكون بين خيارين لا ثالث لهما، حين يكتشف فساد رئيسه، أو يقع تحت بطشه وظلمه: إما كلمة الحق والتشرد، أو الصمت وترديد "سم طال عمرك".