وأكد خلف نجل المالكي لـ«الوطن» أن والده الذي ينتمي إلى قبيلة بني مالك في الطائف، والذي توفي في الرياض عام 1428 عن عمر يناهزر الـ85 عاما، كان قد سافر إلى فلسطين طلبا للرزق، وحين دقت طبول الحرب تنادي للجهاد، سمع بطلائع الجيش السعودي على مشارف فلسطين فلبى النداء، وشارك معها لعام ونصف العام، كان فيها جندياً مجاهدا ومرابطاً تعرض للإصابة وعولج، ثم عاد من جديد إلى جانب زملائه في الميدان، وقد بقيت آثار ندوب الشظايا واضحة على شجاعته حتى وفاته.
طلب الرزق
ذكرت سلسلة تغريدات للمهندس الحربي على حسابه في تويتر قصة «المالكي» التي أكد على صحتها وفي تصريح لـ«الوطن» قال خلف نجل المالكي «سافر والدي وهو في مقتبل العشرينيات من عمره إلى فلسطين مع مجموعة من أصدقائه بسب ضيق المعيشة في الجزيرة العربية آنذاك، وانتهى به المطاف في فلسطين، التي مكث فيها قرابة الـ5 سنوات، وعمل خلالها ما بين التجارة والزراعة لمدة 3 سنوات ونصف السنة، حيث عمل في «بيارة» أو مزرعة فلسطينية».
وأضاف نقلا عن والده «عندما اندلعت الحرب مع اليهود، هَم بالعودة إلى السعودية، لكنه عدل عن ذلك لسببين، الأول أن جميع إثباتاته ومستحقاته من أجور ورواتبه كانت مودعة لدى صاحب المزرعة، وقد ذهبت أدراج الرياح بسبب قصف المزرعة وتشتت أصحابها فمنهم من قتل ومنهم من شرد، والثاني والأهم أنه سمع بأن طلائع من المجاهدين من الجيش العربي السعودي وصلت إلى فلسطين للمشاركة مع بقية قوات الدول العربية في الدفاع عنها، فالتحق بـ(الجهاد) ضد الصهاينة».
يكمل خلف المالكي «أتذكر قصة والدي التي ذكرها حينما قال إنه تقدم بتسجيل اسمه في القوات السعودية، لكنه رُفض لعدم حمله هوية تثبت سعوديته، لا سيما أنه تأثر باللهجة الفلسطينية، لكنه لم ييأس، وذهب إلى القائد في الجيش السعودي الشهيد عوض الشعشعي العاصمي المالكي، وأوضح له أنه مالكي ومن قبيلته وعرّف بنفسه وبشيخ قبيلته، وتعرّف على بعض أفراد الجيش من قبيلته، وذكر له قصة مجيئه لفلسطين حتى استخرج بعدها هوية مؤقتة وسُمح له بالالتحاق بالمجاهدين».
روايات مدهشة
يسرد خلف المالكي حكايات نقلها إليه والده عن الأبطال السعوديين في حرب 1948، ويقول «ذكر لي قصة البطل الشهيد الزهراني لكنه لم يتذكر اسمه كاملاً، وأكد أنه كان يقاتل الصهاينة بشراسة حتى نفذت ذخيرته في إحدى المعارك، فاستل سكينا وتقدم مهرولاً وأخذ ينحر الصهاينة واحدا تلو الآخر حتى قتل 10 منهم قبل أن يمن الله عليه بالشهادة».
ويتابع «من المواقف البطولية التي ذكرها لي والدي، وتنم عن شجاعة وبسالة أفراد الجيش السعودي وصدق جهادهم، أنهم كانوا سباقين دوما إلى رفع العلم السعودي أولاً على كل مرتفع أو تل يحتلونه، على الرغم من أنهم كانوا يقاتلون جنباً إلى جنب مع الجيش المصري الذي كان أكثر عددا وعدة وخبرة ذلك الوقت».
عودة الجيش
يوضح خلف المالكي «استمر والدي في الخدمة مع الجيش السعودي إلى أن انتهت الحرب، ومكث بعد ذلك مرابطا معه في سيناء عدة أشهر حتى أمر وزير الدفاع آنذاك الأمير منصور بن عبدالعزيز بعودة الجيش إلى السعودية، ليستقر في مدينة الطائف في (القشلة)، وبعد وفاة أخيه الوحيد والعائل الوحيد لزوجته وبناته ووالدته ولصعوبة السماح لأفراد الجيش بالخروج من المعسكر في ذلك الوقت، اضطر لتقديم استقالته من الجيش، وتقدم بـ3 خطابات استقالة لكن لم ينظر إليها، فقد كان من الصعوبة بمكان، الموافقة على استقالة أي جندي من الجيش في تلك الفترة، بعدها طلب والدي مقابلة وزير الدفاع والطيران الأمير منصور بن عبدالعزيز حينما كان في زيارة للمعسكر بالطائف، وشرح له أسباب طلبه، لكن الأمير رفض طلبه بداية الأمر ووجه بتسجيل اسمه في بعثة عاجلة إلى مصر تحفيزا له ولمحاولة ثنيه عن الاستقالة، لكنه ظروفه الصعبة جعلت الأمير يوافق أخيرا على استقالته، فعاد إلى مسقط رأسه بعد أن مكث في خدمة الجيش السعودي قرابة 3 سنوات و6 أشهر، منها سنتان في الطائف وهناك وثيقة استقالة وخدمة له»، (تحتفظ «الوطن» بنسخة من الوثيقة).
سفارة فلسطين
أكد خلف المالكي أنه حضر مع والده قبل نحو ربع قرن ملتقى في فندق الإنتر بالرياض تحت رعاية سفارة فلسطين، ضم المشاركين السعوديين في حرب 1948، وقال «التقى والدي في تلك المناسبة ببعض زملائه القدامى، وأجرت معه بعض الصحف لقاءات قصيرة، مثل كل الضباط والجنود الأبطال المشاركين في حرب فلسطين 1948».
تدرج وتدريب
يستطرد خلف في رواية قصة أبيه قائلاً «تدرج الوالد في التدريب إلى أن وصل للخطوط الأمامية، وكان تخصصه رامي مدفع عيار 50 مضاد للطائرات، وكان هذا المدفع يحتاج صلابة خاصة نظراً لقوة ارتداده، وفي إحدى المعارك، وبسبب كثافة الرمي واستمراره مدة طويلة، كانت سبطانة المدفع تتمدد بفعل الحرارة العالية الناجمة عن انطلاق القذائف، فكان يضطر إلى تبريدها بالماء، ثم يعاود الرمي».
وأضاف «أصيب والدي أثناء مشاركته في (معركة بيرون إسحاق) بشظايا قنابل وأغمي عليه، وتم نقله إلى مصر، ومكث قرابة الشهرين في مستشفى العجوزة العسكري للعلاج، ثم تماثل للشفاء وعاد لأرض المعركة من جديد إلى أن انتهت الحرب، وبقيت آثار تلك الشظايا واضحة على جسده أسفل البطن والفخذ والساق إلى أن توفاه الله -غفر الله له-».
محمد بن محسن الدهيسي المالكي
الرتبة:
جندي رامي مدفع عيار 50 المضاد للطائرات
مدة الخدمة كاملة:
3 سنوات و6 شهور
مدة الخدمة في فلسطين: سنة و6 شهور
توفي:
في الرياض عام 1428
اغترب في فلسطين:
5 سنوات
- شارك في معركة بيرون إسحاق
- أصيب بشظايا قنابل وأغمي عليه
- نقل إلى مصر للعلاج
- مكث شهرين بمستشفى العجوزة العسكري
- - عاد للمعركة من جديد
مكث 3 أشهر مرابطا في سيناء
- عاد للطائف وخدم في الجيش لمدة سنتين