إنها فضاء موازي تفاعلي يتأثر ويؤثر في الواقع بقوة، وربما أن سمتها التفاعلية هي من أهم مصادر قوتها، التي تدفع الجميع، حكومات ومؤسسات وأفرادا، إلى اللجوء إليها، والاعتماد عليها، والاستثمار بها، من دون التخلي طبعا عن الإعلام التقليدي.
لكن هذه السمة التفاعلية، وسهولة استخدامها، أي منصات التواصل الاجتماعي، وتمكن الجميع من ذلك، قد جعلت منها بيئة تكثر فيها السلبيات، وبتنا نسمع أصواتا كثيرة تشكو وتتذمر منها، أو من مستخدميها على وجه التحديد، الذين بمقدورهم، استغلال هذه المنصات، لتجاوز الخطوط مهما كانت ألوانها، وإلحاق الضرر بالآخرين، وفعل كثير ضدهم على مستويات عدة، لا بل والنجاة بأفعالهم أيضًا. غير أنه، وعلى الرغم من كل ذلك، ومهما زاد انزعاجنا منها، فإننا ويا للمفارقة لا نرغب في الاستغناء عنها، هذا إن كنا قادرين فعلا على ذلك.. أتساءل: هل نستطيع الاستغناء عنها حقًا؟!
لقد صرنا اليوم بفضل هذه المنصات، رغم السلبيات والأضرار، نجري تفاعلا سهلا بلا حواجز مع العالم أجمع، وتمكّن المستخدم لها من إنتاج محتواه الذي يرغبه بنفسه دون الصعوبات التقليدية السابقة. هذا عدا أنها أتاحت للمستخدم التنوع والتعدد اللذين ربما غير متوفرين له في وسائل أخرى. فهل لنا بعد كل هذا وغيره الاستغناء عنها؟!
لا أظن أنه بإمكاننا القيام بذلك، على الأقل في الوقت الحاضر، إذ أن منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ما ذُكر، ليست خيارًا مطروحًا، بل مفروضًا من قبل السرعة التي هي من أهم ما يميز عصرنا هذا الذي نعيش فيه. وفي حين أخذت الكثير من الأشياء في الحياة طابع السرعة، فإن التفاعل والتواصل بين الأفراد والمجتمعات والعالم ليس بمنأى عن ذلك، ولا أقل هنا من تفاعل وتواصلٍ سريع لا يعترف بالحواجز التقليدية، يواكب جميع ما أُنتج لنا من تقنيات حديثة في هذا العصر المسمى عصر السرعة. هكذا، سنظل نستخدم منصات التواصل الاجتماعي على الرغم من عيوبها، وإلى أن يجد جديد، وتظهر علامات أخرى لعصر آخر.