يقال: جاء -ويسمى الأمر بمسماه- حجر عثرة في طريق فلان، وهذا القول مجازي إذ هو كناية عن أنه عقبة تعترضه، وهو تعبير اصطلاحي جرى مجرى المثل، وشاع استعماله بهذا المعنى المجازي.

وبتطبيق هذا القول المجازي نستطيع أن نقول أزال مجلس الشورى حجر عثرة من أمام طلاب العلم على اختلاف طموحاتهم وأعمارهم، وهذا ما يحسب للمجلس في السعي لما فيه مصلحة المواطن، عندما وافق على إلغاء شرط ألا يكون قد مضى على الحصول على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها مدة تزيد على 5 سنوات لقبول الطلاب والطالبات في الجامعات السعودية.

الموافقة على هذه التوصية قد يراها البعض مجرد موافقة على توصية مقدمة في مجلس الشورى، وعند آخرين بمثابة كنز النمرود، ولا ألومهم في هذا، فخيار أنك لا تستطيع إكمال دراستك بسبب مرور سنوات، لا أحد يعلم ما قد عانيت فيها وما صادفت، والظروف تختلف من شخص لآخر والبعض تأخذه غرة السن فلا يبالي بالدراسة، وبعد مضي الوقت يتنبه لوضعه ويعود إلى رشده بكل جده، وأمثال هؤلاء هم مكسب لأنفسهم وأهاليهم والوطن، بدلاً من ضياعهم وسلكهم مسلك الضلال بما لا يعود عليهم إلا بأحوال يرثى لها في مستشفيات الأمل وعلاج الإدمان أو السجن.


هذا الشرط قبل إلغائه كان مثل غيره من الشروط التي ما زالت قائمة، وهي حجر عثرة أمام المواطنين، وأخص هنا الشروط التي يعاني منه المتقدمون للوظائف والباحثون عن عمل التي تعلن عنها الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، مثل اشتراط الطول والوزن والعمر وغيرها، مما ساهم في تضخم البطالة لدينا، وهي شروط عامة وليست تخصصية، دون أي معنى أو مغزى. وعلى سبيل المثال في الوظائف العسكرية المكتبية أو الإدارية تشترط طولا يتجاوز 170 على الرغم من أننا نعد من الشعوب متوسطي الطول في القامة، بل ونميل للقصر أحياناً أكثر من الطول، وبحسب القياسات التي تمت بين عامي 2009 و2014، يبلغ متوسط طول الرجل في السعودية 169 سم، وبالتالي يقف هذا الشرط حجر عثرة أمام مواطنين يبحثون عن وظائف هم أكفأ بها ممن هم أكثر طولاً، ولا يقتصر ذلك على الوظائف العسكرية ولا على اشتراط الطول والعمر، بل إنه وصل إلى الوضع الاجتماعي، تخبرني إحدى الصديقات والتي -ما زالت عاطلة لهذا السبب- بأنها في كل مكان تبحث فيه عن وظيفة، وبعد أن تطلعهم على وضعها الاجتماعي وارتباطها، يعتذرون عن عدم قبولها، والأخرى لأنها أم ولديها طفل أو طفلان تم الاعتذار لها.

هذا من جانب وطلب حديثي التخرج من جانب آخر، هو أكبر معضلة تقف أمام الباحثين عن العمل، أي بمعنى إن لم يحالفك الحظ وتعمل في وظيفة سابقة تكسبك خبرة في مجال العمل، وتزيد من حظوظك عند التقدم للوظيفة، أو لم تكن حديث تخرج، فالنتيجة غير مرغوب فيك، وستبقى أسير هذه الاشتراطات إلى أن يصل بك الوقت للرقم العمري غير المقبول به وظيفياً في نظام وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. الوضع هنا يحتاج دراسة من أعضاء مجلس الشورى، إنصاف العاطلين والباحثين عن عمل، ورفع توصية بعلاج هذه الشروط، ولا يعني ذلك إلغاء الشروط المطلوبة في وظيفة ما، أو ميزة تخصصية معينة، إنما القصد هنا بالشروط العامة والتعجيزية، التي تحتاج إلى مراجعة وعلاج، حتى تساهم في الحد من أعداد العاطلين عن العمل وأزمة البطالة.