يشوب أول عيد فطر تستقبله ليبيا بعد سقوط العقيد معمر القذافي نقص في كل شيء من المياه إلى المال. لكن ما من شيء يمكنه أن يفسد فرحة الحرية أو ما يصفه سكان العاصمة الليبية طرابلس بعيد النصر. بعد نحو 42 عاما من حكم القذافي سيظل هذا العيد محفورا في ذاكرة الليبيين. وقال عادل كشاد (47 عاما) وهو مهندس كمبيوتر في شركة نفط "كل عام نحتفل بالعيد بملابس جديدة والولائم والكعك المصنوع في البيت. هناك نقص هذا العام لكننا نتدبر أمورنا حتى الآن. الحمد لله هذا العيد له طعم خاص. هذا العيد لدينا الحرية. نحن فرحون. القذافي أتعبنا. لقد قتل الكثير من الناس. وتسبب في الكثير من الدمار". وأضاف وهو يتبضع من سوق الجمعة "ليبيا تعيش فجرا جديدا".
وفي يوم الوقفة بدأ الناس ينزلون إلى الشوارع لشراء الطعام للغداء الذي تقيمه الأسرة احتفالا بعيد الفطر. لكن على خلاف الأعوام السابقة عليهم أن يتدبروا أمرهم بدون ملابس جديدة ودون ولائم كانت عادة ما تتضمن ما لذ وطاب من أطباق الطعام والحلوى. وتجاهد العاصمة الليبية التي يعيش فيها مليونا نسمة للعودة إلى الحياة الطبيعية بعد انتفاضة استمرت ستة أشهر شهدت نهاية حكم القذافي. ومازالت المتاجر والمكاتب مغلقة. ومازالت الكهرباء والمياه والاتصالات مقطوعة. ومازال الناس قابعين في بيوتهم يخرجون للضرورة لشراء ما يحتاجونه من الأسواق القريبة. وقال زيد العكاري (60 عاما) وهو سائق سيارة "لا مانع أن نعاني من نقص إذا كان علينا أن نضحي من أجل هذا اليوم وهو يوم حرية. هذا العام سنتدبر أمورنا بأي شيء. أهم شيء أننا تخلصنا من هذا الطاغية".
لقد حل العيد هذا العام وكثيرون يدفنون موتاهم أو يبحثون عن ذويهم المفقودين بعد معركة طرابلس. بالنسبة لسعاد المستاري (65 عاما) لم تكتمل بعد سعادة إسقاط القذافي. لقد خسرت ابنها محمود يوسف (23 عاما) وهو طالب اقتصاد يوم الأحد قبل الماضي أثناء التقدم داخل طرابلس. وقالت "لن يهدأ لي بال إلا بعد أن يقتل القذافي وأبناؤه بالرصاص. لقد سجنوا أبنائي الثلاثة الآخرين أربعة أشهر وقتلوا ابني الأصغر. لقد مات يوم 21 أغسطس. أبنائي الثلاثة الآخرون أفرج عنهم بعد ثلاثة أيام. فرحتنا لم تكتمل". واستطردت "الحرية لا تقدر بثمن ودفعت أغلى ثمن في الحرية لكن آمل أن يكون ابني آخر شهيد".
عند فرع بنك شمال أفريقيا استطالت طوابير الناس التي تنتظر تسلم رواتبهم. وقال كثيرون إنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ ثلاثة أشهر. وأفاد مصبوح الزاوي (49 عاما) مدير البنك أن المجلس الوطني الانتقالي أصدر توجيهات للبنك المركزي بدفع الرواتب. وإلى حين الانتهاء من التفاصيل سيحصل الناس في بادئ الأمر على نحو 200 دولار ليدبروا بها أمورهم. وفي الداخل ألقيت صور القذافي على الأرض وكان الناس يسيرون فوقها. وقال "يمكن أن نعيش بدون مال بدون طعام بدون كهرباء لكن المهم أن هذا الثقل الذي كان يقمعنا أزيح".
وفي إحدى المدارس تجمع الأطفال والنساء للمشاركة في حفل للأطفال بمناسبة العيد. وغنى الأطفال أناشيد ثورية وهم يرتدون قمصانا قطنية كتب عليها "ليبيا الحرة". بدوا فرحين كأولياء أمورهم. ووصفت نعيمة النجار (45 عاما) كيف رأت بعينيها إعدام معارض من منطقتهم في إحدى المدارس الحكومية لأنه قاد حركة احتجاج ضد القذافي عام 1984. وقالت "بعد إعدامه وضعوا جسده الذي كان به علامات تعذيب في شاحنة القمامة وطافوا بها في الحي تفاخرا بفعلتهم المروعة. ديننا لا يسمح بالتمثيل بالجثث لكنهم ليس عندهم رحمة". وأضافت "كانت هذه فترة سوداء في حياتنا والآن أريد لأولادي أن يتمتعوا بالحرية والاحترام الآدمي الذي لم يكن لدينا قط".