الاستثمار في رأس المال البشري خيار استراتيجي لتطوير القطاع الصحي، وتخصيص هذا الإنفاق بالضرورة سيحقق عائدا على اقتصاديات الصحة. في كثير من دول العالم هناك آمال وتوقعات كبيرة تجاه الأكاديميات الصحية بتوفير تدريب عالي الجودة، وتعليم طبي على مستوى عالمي، ومساهمة فاعلة في نمو الناتج المحلي وتكوين ثروة بشرية، وتعتمد تلبية هذه التوقعات على وجود شراكة بين كليات الطب والمستشفيات التعليمية والممارسين الصحيين.

مشروع الأكاديمية الصحية في السعودية أطلقته هيئة التخصصات الصحية العام الفائت، وما يميزه أنه يبني برامج مصممة حسب احتياج سوق الخدمات والرعاية الصحية، ويستفيد منه جميع الخريجين في التخصصات العلمية والنظرية لسد احتياجات القطاع الصحي بتدريب مهني منته بالتوظيف.

قد لا يعلم كثيرون عن برامج الأكاديمية الصحية، ولكن إطلاقها للبرنامج الوطني للأمن الصحي يعزز من حضور الأكاديمية أكثر، خصوصا في ظل جائحة كورونا، وكونه أحد أكثر البرامج ندرة وحاجة في مستشفياتنا، وقد أعلنوا قبل أسابيع عن تخريج أكثر من 800 مسؤول أمن صحي.


هناك من استفاد سابقا من برامج التدريب التي كانت تقدمها الهيئة، كبرنامج الترميز الطبي وسحب الدم ومساعد طبيب أسنان، وذلك قبل إنشاء الأكاديمية الصحية، ولكن هاجس عدم التوظيف بعد إتمام هذه البرامج يلاحق المتدربين في البرامج.

ما يميز برامج الأكاديمية الصحية الحالية، أنها استحدثت اتفاقية توظيف بين جهة العمل والمتدرب حتى تحقق التزاما أعلى من قبل الأطراف جميعا، وهو ما سيحفز المتدرب على بذل الجهد.

مشروع الأكاديمية الصحية نوعي جدا ومهم في وقتنا الحالي - خصوصا في ظل الجائحة- لأنها قادرة على تصميم برامج وطنية تستهدف سد احتياجات القطاع الصحي من خلال خلق فرص عمل جديدة ونوعية لتوطين الصحة، وتأهيل الطواقم الطبية العاملة في القطاع الصحي.

قد لا يفوت على الأكاديمية ذلك ولكن يجب أن تتحرك في البحث عن طرق تمويل مبتكرة في التعليم والتدريب، واستقطاب المزيد من الكفاءات العلمية ذات الخبرة السريرية، والتركيز على جودة التدريب بتقييم فعال، وأدعو الجمعيات المهنية الصحية لمشاركة فاعلة في اقتراح البرامج التدريبية النوعية التي تتواءم مع سوق الخدمات الصحية.

جودة الرعاية الصحية تعتمد على جودة كفاءات صحية مؤهلة بتدريب وتعليم متميز، وذلك ما سيتحقق بوجود الأكاديمية الصحية، وهذا سبب وجودها الرئيس.