نعم هو ذاك الشتات الذي ينتابني بين حين وآخر.
مؤلم ذلك الفقد الذي يجعلك ترى الوجوه أمامك وجها واحدا.. ذلك الأسى والحزن الشديدين اللذين تعجز عن وصفهما، ومع أنك تعرفهما جيداً إلا أنك تتخلى عنهما وعن قلبك رغماً عنك، لتجد نفسك في زاوية ضيقة ليس أمامك خيار إلا التسليم راضياً للقضاء والقدر، وفي الوقت ذاته تشعر بالعجز تماماً عن رؤية ما حولك من زاوية جديدة لأن كل الزوايا الجديدة كانت جزءا من أحلامكما معاً للمستقبل.
فإما أن تتخلى عن أحلامك كلها لارتباطها به، وإما أن تبقى في ذات المحيط لعل روحه الطاهرة تزورك وتحلق حولك لتغمرك في لحظاتك الخاصة جداً بالسعادة لأنك كنت وفياً لما تعاهدتما عليه.
ولكنك ما تفتأ أن تعود لواقعك فتدرك أنك ستجني ثمارها لوحدك فهي لا تعني أحدا غيركما، ولن يشعر بقيمتها من لا يعرف تفاصيلها غيركما.
إنه مفترق الطرق الإجباري الذي يُلزمك مسارا واحدا وتضطر للسير فيه مكرهاً فلا خيار آخر أمامك، وخصوصاً عندما تكون وحدك محملاً بمسؤولية من تحبهم فتكون مصدر الأمان الوحيد لهم، وهم يثقون بك ويعتقدون أنك ستقودهم في هذا المسار لبر الأمان الذي افتقدوا جانباً منه، حينها ستسعى جاهداً لترميم ذاتك وتتجاوز كل مشاعر الألم والحزن، لتكمل رحلة الحياة بهم، ليكون بيدك وحدك القرار لاختيار الطرق التي تعرض لك في خط سيرك.
كم هو صعب عليك اتخاذ القرار فعند مفترق الطرق عليك الاختيار وإكمال المسير، فلن تستطيع التوقف والانتظار وأخذ فرصتك للتفكير حتى لا تتسبب في تعطيل حركة السير، وفي ذات الوقت أنت مجبر على الاستمرار في خوض مغامرات الحياة بمفردك، ولتضع كل عواطفك جانباً حتى تحسن الاختيار.