احتفل العالم الأسبوع الماضي باليوم العالمي للصحة النفسية الذي يوافق 10 أكتوبر 2020، تنوعت الاحتفالات بين جميع الجهات ذات الاهتمام بالصحة النفسية لدينا، وكان المركز الوطني للصحة النفسية الأكثر حضوراً في التفاعل مع هذه المناسبة الصحية الهامة للجميع، خاصة أن القائمين عليه لا يألون جهداً دائماً في تنوع الخدمات النفسية، وخاصة بعد التغيّرات النفسية التي طرأت على الأغلبية بسبب الكورونا، سواء من حيث التطبيقات النفسية، حيث تم تدشين «منصة موعدي للدعم النفسي» الأسبوع الماضي، أو انطلاق برامج التوعية النفسية في مختلف المناطق، أو الشراكات مع الجهات ذات العلاقة تحت شعار «الصحة النفسية للجميع»، إضافة لتطبيق «قريبون» التوعوي الذي يعد عيادة نفسية بين يديك، وهو التطبيق الأول على مستوى الوطن العربي، وحصد جائزة أفضل تطبيق صحي عربياً، وهذا هو الاحتياج الفعلي أن تكون الخدمات متنوعة وعلى مستوى مختلف المناطق، وليس حصراً على منطقة دون أخرى، خاصة عندما فرضت علينا الظروف الأخيرة الاستفادة أكثر من الخدمات الإلكترونية من المنزل. وتلبية لهذا الاحتياج تم الإعلان أيضاً عن «تطبيق famcare»، وهو منصة العائلة الرقمية للاستشارات الأسرية، بإشراف مجلس شؤون الأسرة مشكورين، وبالشراكة مع جامعة الأميرة نورة. هذا التطبيق أعجبني وجربته، لسهولة استخدامه وسرعة تجاوب المرشدين النفسيين في التواصل والتفاعل، وهو يهتم بتقديم الاستشارات النفسية والاجتماعية بسرية تامة. كذلك ساهمت هيئة حقوق الإنسان الأسبوع الماضي بالتوعية بحقوق المرضى النفسيين عبر حسابها بتويتر، وأتمنى أن تكون المتابعة لهذه الحقوق ميدانية من خلال الزيارات المكثفة لمجمعات الصحة النفسية والعيادات الخاصة، ومعرفة مدى توفّر الخدمة النفسية على مستوى المناطق، للتأكد من الالتزام بهذه الحقوق الهامة، لأن معاناة الحالات النفسية والسلوكية ما زالت قائمة بالرغم من تعدد الخدمات، مما يضطر الكثير منهم لعدم الاهتمام بصحته النفسية، حيث تتلخص هذه المعاناة في:
صعوبة الحصول على موعد في وقت مناسب لحالة المريض مع أغلب المختصين في علاج بعض الحالات المرضية، فقد تصل المدة الزمنية لأكثر من شهرين!!. غلاء تكلفة الجلسات النفسية في بعض العيادات النفسية التخصصية قياساً لمدتها. غلاء الأدوية النفسية خاصة للأمراض النفسية التي قد يؤدي إهمال علاجها لعواقب وخيمة على المريض وعلى المقربين منه. عدم انتشار مراكز الخدمات النفسية في المناطق البعيدة، والتي قد يجهل الكثيرون فيها التعامل مع التطبيقات الإلكترونية والتآلف معها بسهولة.
لذلك فإن نتائج المسح الوطني للصحة النفسية، والذي استغرق تطبيقه ثلاث سنوات هو أحد أهم البرامج الوطنية التي تبناها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، إيماناً منه بأهمية الصحة النفسية وأنها لم تكن من فراغ، حيث تبين أن %34 من السعوديين والسعوديات تعرضوا للإصابة بأحد الاضطرابات النفسية، وأن %40 من فئة الشباب السعودي تعرضوا للإصابة باضطرابات نفسية في مرحلة ما من حياتهم (وبالإمكان الاطلاع على نتائج المسح الأخرى على المواقع النفسية). هذا الجهد العلمي العظيم يحتاج لمرحلة لاحقة داعمة للحدّ من انتشار الأمراض النفسية في المجتمع السعودي، والحماية من نتائجها الخطيرة، وذلك بعد معالجة المعاناة المذكورة أعلاه للمحتاجين لهذه الخدمات الصحية في مجتمعنا، والذي مازال الكثير منه يتردد في الاعتراف (بالمرض النفسي) ويعتبره وصمة عار!