دخل العجوز الولد خجلا وعلى استحياء. ينظر حوله ويبتسم ابتسامة الطفل الذي فوجئ بتصفيق عشرات الناس حوله. إنها موجة التصفيق المحسوسة الأولى التي يتلقاها محمد زايد الألمعي بشكل مباشر وصريح.

جلس "حارس السنبلة"، وكل الذين قرؤوا شعره من قبل، كانوا يتفحصون قصائد هذا المغنّي الجبلي القديم، وهي تشكل جلسته وصوته وحركات يديه. ويحدّقون في غربة كانت تنداح من وجهه البريء.

الشاعر والمفكر الألمعي أثبت من خلال قبوله استضافة برنامج المنوعات "نورت"، على شاشة إم بي سي، أنه يحمل أعداءه في جيبه، وهم أعداء الحياة الطبيعية، الذين تبناهم في كل مكان يحضر فيه، أو يتحدث من على منبره.

خرج المعتزل من عزلته. لم يكن المحور الذي دعي للحديث حوله فكريا أو سياسيا.. لكنه كان حاضرا بكامل خصائصه التي تبدأ وتنتهي بالدخلاء على الثقافة وأعداء التفكير والكلمة والفن.. وذلك الإنسان الذي كل ذنبه أنه فضّل الغناء على الامتزاج بالأشرار، والسنابل على الامتزاج بالرمل، والصدق على الاختلاط بالكذب، والبياض على كل الألوان القاتمة.

قالت له هيا الشعيبي قل شيئا من الشعر لي، قل شيئا في سمرتي، فقال: أنت لا تعرفين التعطش في شاعر يرسم امرأة في ضفاف يديه ويجعلها صهوة للبكاء وأنا أجهل الكلمات التي تخلق الشعر من قسمات النساء، كل هذا الحشد اللغوي كان موجهاً للفنانة الكويتية التي بدت عاجزة عن حل هذا اللغز الشعري المعتق.

تحدث عن رأيه في الجمع بين وزارتي الثقافة والإعلام، بينما تحدثت هيا عن خلافها مع فهد الحيان، كما عاد زايد ليؤكد اشمئزازه من بيئة الصحافة "التي يحسب عليها بشكل أو بآخر"، فيما ذهبت منى أمرشا إلى ضرورة التحدث باللهجة "البيضاء" التي لا تمت للهجتها المغربية بأي صلة، ربما اعترافا منها بما حصلت عليه من "خير" وراء هذه اللهجة، فيالها من سيريالية شديدة التعقيد والجمال!

حضور الألمعي في برنامج يجمعه بنجوم الفن كان مجازفة خطيرة، إلا أنه أكد لكل من عرفه من قبل، أنه سيبقى "هو" أصيلا لا يتلون.