وقصة هذا الشغب بكل اختصار: كان في عهد الإمبراطور جستنيان الثاني تنافس شديد بين إسطبلي خيول، أحدهما أزرق، والآخر أخضر، وكان الإمبراطور جستنيان يتعصب دائما للإسطبل الأزرق، وعندما طفح الكيل بمشجعي الإسطبل الأخضر قاموا بأعمال شغب تخريبية، وإشعال حرائق كبيرة كادت أن تقضي على نصف القسطنطينية، وأخيرا توجهوا إلى قصره وتمكنوا من محاصرته، وتضييق الخناق عليه.
وقد كاد هذا الشغب أن يعصف بحكمه لولا شجاعة زوجته، فعندما رأته يعد العدة للهرب قالت جملتها الشهيرة «لأن تموت في عباءة الإمبراطورية، خير من أن تعيش مع السوقة»، فعند ذلك صمد، وتشجع مناصروه، واستطاعوا فك الحصار، وإخماد الشغب.
لذا يجب علينا كبح جماح التعصب الرياضي قبل أن يستفحل أمره، سواء من قبل رؤساء الأندية، أو بعض الإعلاميين الذين لا يستطيعون الحيادية، ومناقشة المستجدات الرياضية بكل موضوعية، وللأسف الشديد أنهم الغالبية العظمى، أو حتى من قبل مسؤولي اللجان الذين عينتهم الدولة لتحقيق العدالة بين جميع الأندية، وعلى كل مسؤول لا يستطيع كبح جماح ميوله أن يعتذر عن رئاسة هذه اللجان إرضاء لضميره واستبراء لدينه.
ومما زاد الطين بلة كثرة القنوات التي تبث برامج رياضية وتصنيفها من قبل الجماهير، فهذه القناة محسوبة على النادي الفلاني، وتلك على اللون الفلاني، وبصراحة لا أستطيع معرفة السر في تعدد هذه القنوات، ولماذا تهدر كل هذه الأموال على ما يسمون إعلاميين، وهم يدخلون هذه الأستوديوهات متوشحين ألوان أنديتهم!.
لذا أرجو تقليص هذه القنوات، وألا يظهر فيها إلا الإعلاميون الحقيقيون الذين يتحلون بالطرح الموضوعي، أما البقية فيقال لهم شكرا ما قصرتم، ولديكم من وسائل التواصل الاجتماعي ما تمارسون فيه هوايتكم بالدفاع عن ألوان أنديتكم.
وأخيرا ما دعاني لكتابة هذا المقال، والاستشهاد بهذه الحادثة، هو الخوف من عواقب هذا التعصب إن لم يكبح، فقد بدت بوادره بالانقسام الداخلي فيما يخص مشاركات الأندية في البطولات الخارجية، وهذا أمر معيب جدا، ويعطي صورة إعلامية غير مستحسنة للمتربصين بنا خارجيا.