كل التنازلات التي قدمتها السلطة الفلسطينية من أجل إطلاق المفاوضات مع إسرائيل لم تلق آذانا صاغية من قادة الاحتلال، فالجواب الإسرائيلي جاهز: المزيد من الاستيطان، وتوسعة المستوطنات القائمة، وإضفاء الشرعية على ما يسميه الاحتلال "المستوطنات العشوائية"، وهو مفهوم جديد ابتكره الصهاينة لانتزاع المزيد من الأراضي الفلسطينية.

الهدف من الرسالة التي أرسلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان تحريك عملية التسوية، والشرط الأساسي في ذلك وقف الاستيطان والرضوخ لقرارات الرباعية الدولية، فإذا بالرد الإسرائيلي يكون المزيد من التهويد في أراضي الـ48 ومحاولات تهجير من تبقى من الفلسطينيين في هذه الأراضي، والسماح لقطعان الصهاينة المتشددين بدخول الأقصى بحماية الجنود والشرطة الإسرائيلية والعبث بالمقدسات الدينية، واستفزاز من بداخله من المسلمين، وإرسال رسالة إلى من يعنيهم الأمر أن القدس خط أحمر في أية مفاوضات، فهي من منظور إسرائيلي، العاصمة الموحدة والأبدية للكيان الغاصب، وأن الحديث عن كونها عاصمة للدولة الفلسطينية ضرب من الخيال.

إذا على ماذا يراهن السيد عباس؟ فالرباعية الدولية أسيرة القرارات الأميركية وبالتالي لن تخرج عما ترضاه إسرائيل. وبات التخاطب مع نتنياهو هروبا إلى الأمام من استحقاقات على صعيد الداخل الفلسطيني، يأتي في مقدمتها ترسيخ المصالحة الوطنية بين الجناحين الفلسطينيين فتح وحماس، إذ دون هذه المصالحة تبقى كل الرسائل والمواقف صرخة في واد.