في صبيحة ليالي الصيف العربية المقمرة غالباً ما تكون هناك سخونة قاتلة في الشارع العربي تلفت الانتباه وتبدد المشاعر المختلطة.

لو تأملنا المشهد العربي كله لعرفنا أن سخونته غالبا تأتي من فوق الأرض دوماً وليس من تحتها بفعل الأفلام والمسرحيات العربية ساخنة المشاهد، كل يوم نفيق على مشهد إعلامي ساخن بتصعيد ضخم يسمم العلاقات العربية البينية. ترى هل التصعيد أصبح لغة عربية بامتياز؟، وهل التسخين يختص بالشرق الأوسط دون تدخل أجنبي؟، وهل هناك مخرج من نفق الأزمة العربية المظلم؟

كلها أسئلة كبيرة يفرضها الواقع المرّ أتركها لذكاء المواطن العربي وللسياسي المخضرم الذي أجاب بكل وضوح عن موقف السعودية تجاه تلك المسرحيات الساخنة، ونبه الشعب الفلسطيني إلى إنه تم استغلاله من حفنة فلسطينيين نصبوا أنفسهم مدافعين عن القضية في ظل تراجع الموقف العربي وتخلي الحلفاء وتخاذل الأصدقاء ومتاجرة متسلِّقين على القضية صباح مساء.


قضيتنا ليست في تحرير القدس لأننا لم نعد كعرب أهلاً لهذا الشرف العظيم، قضيتنا هي قضية تسوية نزاعاتنا البينية وترميمها وإعادة بناء اللحمة العربية واللحمة الوطنية بين المواطن والوطن والمواطن والسلطة من جديد، كخطوة أولى ومنطلقٍ للتحرير العربي أولاً والتحرير الشامل والكامل ثانياً.

من عمق الرمال العربية ووسط الشارع العربي والإسلامي.

ويمكن اختصار ذلك بأن نتعلم كيف نضع أقدامنا واكتافنا متجاورة مصفوفة ومصطفَّة كصفّة الصلاة، عندها فقط يمكن أن يخرج من أصلاب العرب من يحرر القدس دون دعايات كاذبة أو شعارات مضللة أو مشاهد تمثيلية ومسرحيات هزلية، عندها يتحقق حلم طفولتي تحرير الأقصى والقدس وكل المغتصبات العربية.

وهو حلم كل طفل عربي فلسطيني حر أبي مناضل يعيش على أخبار الجهاد ويستيقظ على أحلام النصر.

لا أنسى في مراحل الدراسة الأولى حين رجعت لأبي وأنا طفل بريء أسأل عن سرِّ دفع ريال سعودي في مدرستي لتحرير فلسطين، وقتها شرح لي بشغف وبساطة الحلم العربي الكبير، وقال إن هذا هو حلم أجداده وحلمه هو، ومن وقتها صار تحرير القدس ومقدساتها وطرد المحتل الغاصب، حلم طفولتي الذي لا يفارق يقظتي ومنامي.

ترى هل يتحقق حلمي العربي الجميل في حياتي، أم حياة أحفادي؟

ويبقى الأمل.