وفي الناس نرى العجب، فبعض الناس يحبون الكلام للكلام فقط "هواة الثرثرة" وهذا الصنف مبغض من قبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حيث قال (إن من أحبكم إليَّ وأقربكم منّى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وإنّ أبغضكم إليَّ وأبعدكم منّي مجلسا يوم القيامة الثّرثارون والمتشدّقون والمتفيهقون“. قالوا يا رسول اللّه قد علمنا الثّرثارون والمتشدّقون فما المتفيهقون قال: “المتكبّرون”.) ففيم سبق تحذير من الثرثرة لما تجلبه من مضار على صاحبها ومن حوله، فقد قال عليه الصلاة والسلام (لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر اللّه قسوةٌ للقلب وإنّ أبعد النّاس من اللّه القلب القاسي).
وتتجسد مهارة هؤلاء الناس في الكلام بغض النظر ماذا يحوي كلامهم، وكم هو مزعج ما نراه في بعض المجالس حيث نماذج غريبة وقبيحة لأناس فقط يتكلمون ويتكلمون دون طائل، وحين تحاول استرجاع فائدة مما قيل تعود صفر اليدين فكلامهم لا يتعدى السباب والغيبة ونقل الحديث.
بينما هناك آخرون كلامهم قليل وحين يتكلمون تود أن يستمروا في الكلام وألا يتوقفوا أبدا فكلامهم درر مليء بالتفاؤل والأمل مريح للأعصاب إن لم ينفع من يسمعه فلن يضره.
ولعل هذه المقولة الجميلة للإمام علي كرم الله وجهه "إذا تم العقل نقص الكلام" مصداق لما نقول، فالعقل يستوجب من صاحبه أن يعرف متى يتكلم وماذا يقول.
وسأختم كلامي بمقطوعة جميلة تقول:
إذا رمت أن تحيا سليما من الردى
ودينك موفورٌ وعرضك صيّن
فلا ينطقن منك اللسان بسوأةٍ
فكلّك سوءاتٌ وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معائبا
فدعها وقـل يا عين للناس أعين
وعـاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى
ودافـع ولكن بالّتي هي أحسن