عندها أضطر إلى ترك أشغالي وقطع أعمالي وربما صلاتي (أستغفر الله)، لأنّ منسوب التوتر لديّ يرتفع، ودقات القلب تزداد، فلا بد أنّ الأمر جلل وخاصةً أنّ بيننا ثمة مشتركات.
وفي كل المرات أُفاجأ بأنّ الاتصال يمكن تأجيله لأيام - إن لم يكن لأسابيع - وأنّ الأمر لا يستحق كل هذا الإلحاح منه والتوتر من قبلي.
عندئذٍ أتنفس الصعداء وفي نفس اللحظة أشعر بالرغبة في خنقه و(مصعه) من رقبته مردداً: أكرهك، أكرهك.
ثم دارت الأيام واحتجته في أمرٍ مهم ومستعجل، اتصلت به فلم يرد، فتذكرت حاله ومواقفه، ووجدتها فرصة أن أرد له الصاع واستغل سلوكه وطبعه لصالحي، اتصلت عليه ثانية فلم يرد، فأعدت الاتصال ثالثة ورابعة وخامسة.
نحتاج - في بعض الأحيان وإلى حد معين - أن نعامل الناس وفق مبادئهم لا مبادئنا.. أصولهم لا أصولنا.. قناعاتهم لا قناعاتنا.. أفكارهم لا أفكارنا.
فالمتكبر.. تكبر عليه.
وثقيل الدم.. أثقل عليه.
والذي يضربك على خدك الأيمن اضربه على خده الأيسر.
والذي يبخل عليك بالقهوة.. ابخل عليه بالشاي.
وقد قال عمرو بن كلثوم في معلقته:
ألا لا يجهلن أحد علينا *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
إنما الأمثل والأكمل هو في مضمون ما جاء في القرآن (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين).
بيد أنّ العطاء وما يترتب عليه من صفات، لا يُحمد صاحبها إلا إن كانت بإرادته ولم يكن مجبراً عليها.. كذلك فإنّ الصبر على طبائع الناس السيئة وأمزجتهم المتقلبة، لا يُعد صبراً إذا تحول حالهم معك إلى استغلال أو إهانة أو مضرة.
هنيئاً لمن يجيد المعادلة ويملك الموازنة.
وعوداً إلى صاحبنا، فعندما اتصلت به للمرة السادسة فتح الخط وقال:.....!
وأترك لتوقعاتكم إكمال السيناريو.