وشهدت المملكة خلال فترة وجيزة من الزمن تنمية شاملة عمت جميع مجالات الحياة، فحققت قفزات سريعة في معدلات النمو والتقدم، وتوجهـت ثمار التنمية وخططها إلى المواطن والمواطنة بالدرجة الأولى انطلاقاً من أن تنمية المواطنين هي الثمرة الحقيقية والمقياس الأول بأن يؤخذ في الحسبان عند تقويم خطط التنمية أو الحديث عن نتائجها، والمرأة لها مكانة مميزة لدورها في بناء المجتمع ودعم تماسكه ورسم صورة مشرقة لمستقبله، فهي النواة الأساسية للأسرة والمجتمع، ولهذا فإن الاستفادة من إمكاناتها للمشاركة بشكل فاعل في قيادة سياسة التغيير التي تعيشها بلادنا تعد من أهم أهداف رؤية المملكة 2030 حتى أصبح موضوع تمكين المرأة شعاراً أساسياً في هذه الرؤية.
ويرتبط عمل المرأة ارتباطاً وثيقاً بما تحرص المملكة على توفيره لأبنائها من فرص التنمية، وزيادة رخاء المواطن وتوفير سبل الحياة السعيدة لهم، فنالت مكانتها علمياً وثقافياً واقتصادياً، حتى تبوأت مكانة رائدة في مختلف قطاعات العمل، وصار لها حضورها، وظهر تفوقها وتميزها في ميادين التربية والتعليم والصحة والإعلام والثقافة والاقتصاد وقطاعات المال والاستثمار ومؤسسات تقديم الرعاية الاجتماعية والخدمات المختلفة.
وكيف لا يكون لها ذلك، وهي التي تعدُّ للوطن أبناءه، وتزوده بالكفايات المتخصصة والعاملة في مختلف الميادين.
ومن هذا المنطلق لم تغفل رؤية المملكة 2030 وهي تتحدث عن مشاركة المرأة أن توظيفها أصبح من ضروريات الحياة بالنسبة لها خاصة في ظل التغيرات الاجتماعية، والنقلات الحضارية المتلاحقة التي يعيشها مجتمعنا، فمن خلال تعزيز بيئة تعليمية للمرأة تتوافق مع متطلبات سوق العمل المتطور، ودعم مجالات تعليمية حديثة لمواكبة التطور التكنولوجي المتسارع، يمكن أن يتحقق كثير من زيادة تمكين المرأة في المجتمع كما حددته الرؤية.
ولهذا فإن المرأة في المملكة قادمة بدور تنموي ومحوري في رؤية 2030 حيث وضعتها في المقدمة، وأكدت على مشاركتها الكاملة في سوق العمل، فهي عنصر مهم من عناصر قوة المجتمع، ولديها إمكانات النجاح، فالتنمية والبناء الاقتصادي والاجتماعي لا يكتمل إلا بمشاركتها، وتنمية مواهبها، واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة، لبناء مستقبلها كتوجه استراتيجي، وكواحد من أهم البرامج والإصلاحات الرئيسة التي تبنتها الرؤية لتعزيز التحسينات الطموحة في وضع المرأة، وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وتوفير مناخ آمن وخدمات تسهل عليها القيام بواجباتها الوطنية.
ومن جوانب تمكين المرأة السعودية اهتمام القيادة بإيصالها إلى المناصب القيادية، وإتاحة الفرصة أمام المبدعات والمثقفات والمميزات منهن للمشاركة في النهضة والبناء، وتشجيعهن على الإنتاج مع التمسك بتقاليدهن وحجابهن وعاداتهن الأصيلة.
ومن المتوقع أن تشهد المملكة مزيداً من الإنجازات على صعيد تمكين المرأة، خاصة مع تزايد عدد الإناث في التعليم والتأهيل والتدريب، حيث تشكل المرأة السعودية رافداً مهماً من روافد نجاح الرؤية، لترتفع مشاركتها في قوة العمل إلى 30% بحلول 2030 وفقاً لما ذكرته الرؤية.
وتحفل جامعاتنا بعدد من رسائل الماجستير والدكتوراه التي تناولت سبل تعزيز تمكين المرأة في المجالات التعليمية والاقتصادية، فهذه دعوة إلى المسؤولين عن تطبيق مبادرات الرؤية إلى الاستفادة من هذه الدراسات العلمية الموثقة في إيجاد الوسائل الممكنة للتسريع بتمكين المرأة وفقاً لرؤية 2030.. فالمرأة السعودية بما توفر لها من تعليم عالٍ، وما حققته من تفوق في المجالات المختلفة قادرة على المشاركة في إنجاح هذه الرؤية أسوة بالرجل.. حيث وفرت قيادتنا الوسائل كافة لتحقيق التمكين الكامل للمرأة.
ولعلنا في خضم هذا الاهتمام بتمكين المرأة لا نغفل جانباً مهماً في تعزيز الإيجابيات وتجاوز السلبيات التي قد تحدث أثناء تعزيز مشاركة المرأة في رؤية 2030 وهي التقويم ومتابعة النجاحات وتعزيزها، ودراسة أسباب السلبيات التي يمكن أن تحدث ومعالجتها في وقتها وعدم التهاون فيها مهما بدا أنها صغيرة، فإعادة الهيكلة لأي نظام اجتماعي تعوزه التجربة والخبرة، ولهذا فالمراجعة المستمرة مطلوبة لكل خطة على حدة لنضمن الانطلاق نحو المشاركة الكاملة للمرأة.