يبذل المجلس الانتقالي للثوار الليبيين جهودا محمومة اليوم (الأحد 2011-08-28) لاستعادة الحياة في العاصمة الليبية حيث ساد الهدوء لليوم الثاني رغم أصوات نيران متقطعة ليل السبت الأحد والعثور على العشرات من الجثث المتفحمة قرب قاعدة عسكرية لنظام القذافي.

وفي الوقت الذي يطلب مسؤولو المجلس مساعدات عاجلة حثت الجامعة العربية في اجتماع خاص في القاهرة مجلس الأمن الدولي على الإفراج عن مليارات الدولارات من الأرصدة الليبية المجمدة.

وسمع دوي عدة انفجارات وأصوات نيران رشاشات في طرابلس ليل السبت الأحد، غير أنه لم يتضح ما إذا كانت صادرة عن مقاتلين موالين للقذافي أم عن المتمردين الذين يحتفلون بسيطرتهم على أغلب مناطق العاصمة التي دخلوها قبل أسبوع.

وقال الثوار السبت إنهم استولوا على قاعدة تابعة للكتيبة 32 التي يتزعمها خميس القذافي بعد توجيه حلف شمال الأطلسي ضربة جوية وإثر 7 ساعات من القتال الشرس.

وفي بناية مجاورة شاهد مراسل لفرانس برس البقايا المتفحمة لنحو 50 جثة قال سكان المنطقة إنها لأسرى قتلوا الثلاثاء بالرصاص والقنابل اليدوية.

وقال سجين سابق في البناية كان قد نقل منها بعد اكتظاظها أن الموالين للقذافي ألقوا قنابل يدوية وفروا.

وفي تلك الأثناء وعد رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل بمحاكمة عادلة في ليبيا للزعيم الليبي الهارب ولكبار مساعديه إذا سلموا أنفسهم.

كما دعا عبد الجليل متحدثا في مدينة بنغازي (شرق) حيث بدأت الاحتجاجات ضد نظام القذافي في فبراير، لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لطرابلس خاصة الإمدادات الطبية.

وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي "ندعو كافة المنظمات الإنسانية للمساعدة لحاجة طرابلس للأدوية ولمواد الإسعافات الأولية والمواد الجراحية".

واتهم عبد الجليل قوات القذافي بالقيام "بعمليات تخريب" ما أدى لنقص المياه وانقطاع الكهرباء في طرابلس قائلا "نعمل على حل هذه المشكلات".

كما تردد صدى دعوة عبد الجليل لتقديم المساعدة خلال اجتماع الجامعة العربية في القاهرة حيث حث اجتماع خاص لوزراء الخارجية العرب تناول الأوضاع في ليبيا وسورية "الأمم المتحدة والبلدان المعنية.. على الإفراج عن الأصول والممتلكات" الليبية.

ودعا بيان للوزراء العرب الأمم المتحدة "السماح للمجلس الوطني الانتقالي بشغل مقعد ليبيا في الأمم المتحدة وفي المنظمات التابعة لها".

ومن جانبه حذر محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي، الذي ترأس الوفد الليبي في اجتماع الجامعة العربية، من خطورة "عدم الاستقرار" في ليبيا ما لم يتمكن المجلس من دفع رواتب الموظفين واستعادة الخدمات اللازمة للمواطنين.

وفي تلك الأثناء تتحول الأنظار إلى القبض على الزعيم الليبي الهارب الذي اختفى هو وأسرته فضلا عن التعامل مع مرحلة ما بعد القذافي في ليبيا.

فالمتمردون يحرصون على القبض على القذافي لإعلان النصر النهائي للانتفاضة التي بدأت قبل 6 أشهر، وفي تلك الأثناء يحرزون تقدما بطيئا باتجاه مدينة سرت مسقط رأس القذافي بوسط ليبيا والتي ربما يختبئ فيها الزعيم الفار، حيث أوردت أنباء أنهم باتوا على مسافة 30 كيلومترا منها.

وذكر مصدر مسؤول بالمعارضة المسلحة اليوم إن قوات المعارضة تمكنت أيضا من السيطرة على بن جواد شرقا قرب مدينة البريقة النفطية.

وقال عبد الجليل "ندعو معمر القذافي والمقربين منه لتسليم أنفسهم حتى نوفر لهم الحماية ونحول دون تعرضهم للقتل.. إننا نضمن لهم محاكمة عادلة مهما كان وضعهم".

وكان المتمردون قد عرضوا مكافأة قدرها 1,7 مليون دولار لمن يسهم في العثور على القذافي حيا أو ميتا.

ووجهت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي مناشدات لطرفي الصراع في ليبيا لتجنب الأعمال الانتقامية، وهو ما أكدته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون خلال اجتماع ما يسمى بمجموعة القاهرة.

وقالت اشتون "على العقيد القذافي تجنب المزيد من إراقة الدماء بتخليه عن السلطة ودعوته القوات المستمرة في القتال لإلقاء سلاحها وحماية المدنيين".

وفي تلك الأثناء قال محمود شمام المتحدث بلسان المجلس الانتقالي إن المجلس سيبدأ توزيع 30 ألف طن من الوقود على سكان طرابلس وسيوفر أيضا الغاز للمنازل في غضون اليومين المقبلين.

وأضاف أن المجلس يعمل على إعادة العمل بمصفاة الزاوية مناشدا الصبر وداعيا المواطنين والموظفين من القطاعين العام والخاص والعاملين في القطاع النفطي للعودة إلى أعمالهم.

وقال شمام "نحن نبدأ من نقطة الصفر، فلا تتوقعوا المعجزات ولكننا نعدكم بالعمل على إنهاء تلك الفترة الصعبة في اقصر وقت ممكن".

واعترف شمام بوجود جيوب من المقاومة المؤيدة للقذافي، قائلا "يخطئ من يظن انه ليس هناك من يدعم القذافي أو ليس هناك طابور خامس يعمل على تعكير السلام في طرابلس".

وتنقطع الكهرباء لعدة ساعات يوميا في العاصمة بينما لا تتوافر المياه في العديد من مناطقها في الوقت الذي بلغت أسعار المواد الغذائية والبنزين أرقاما خيالية فيما تراكمت تلال القمامة في الشوارع تحت أشعة الشمس الحارة.

ورغم ذلك ما زال السكان يعملون على مواصلة الحياة الطبيعية فقد فتحت بعض المحال أبوابها السبت وخرج الناس للاستعداد لعيد الفطر.

ورغم سيطرة المتمردين على مطار طرابلس إلا أنه مازال مستهدفا بنيران متقطعة وقذائف غير أن الثوار يقولون إنهم وسعوا من نطاق سيطرتهم.

ومن ناحية أخرى, قال قائد للمتمردين إن الهجوم الذي نفذته قواته فجرا على قاعدة اللواء 32 التابع لخميس القذافي إلى الجنوب من العاصمة أسفر عن مقتل 11 منهم بينما كبد "الجانب الآخر خسائر أفدح".

وقد تمكن مقاتلو المعارضة الجمعة من السيطرة على راس جدير النقطة الحدودية مع تونس والتي كان يخشى أن يهرب منها القذافي وأسرته والمقربون منه.

كما تمكن المتمردون من السيطرة على قريتين كانت قوات القذافي تقصف منهما زوارة بين الحدود والعاصمة، حسبما قال مراسل فرانس برس المرافق لقوات الثوار.

وقد نفت وزارة الخارجية الجزائرية نفيا قاطعا ما نقلته وكالة الأنباء المصرية من أن 6 سيارات مرسيدس مصفحة عبرت إلى الجزائر في وقت متأخر الجمعة يحتمل أن تكون قد أقلت مسؤولين ليبيين بينهم القذافي نفسه.