أدت إطاحة المعارضة الليبية بالعقيد معمر القذافي بدعم من قوات حلف شمال الأطلسي إلى تركيز الاهتمام الدولي على الاحتجاجات في سورية المستمرة منذ 5 أشهر والتي مثلت أكبر تهديد لحكم الرئيس بشار الأسد منذ توليه منصبه.
وتخشى شخصيات معارضة ونشطاء من أن يشجع الاستخدام الناجح للقوة في الإطاحة بالقذافي السوريين على أن يحذوا حذو الليبيين. واتسمت الاحتجاجات في سورية بالسلمية بصورة كبيرة لكن هناك أنباء متواترة على هجمات تستهدف قوات الأمن.
ومن الممكن أن يؤثر التصعيد في سورية على الحلفاء والأعداء في منطقة الشرق الأوسط كما أن تخفيف حدة الخطاب من دول عربية هذا الأسبوع أشار إلى احتمال أن يكونوا مستعدين لدعم الرئيس الأسد إذا نفذ إصلاحات.
وفيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة في سورية والمخاطر والفرص التي ستمثلها.
* الجمود..
تقول الأمم المتحدة إن 2200 شخص قتلوا خلال حملة القمع التي شنها الأسد على الاحتجاجات منذ انطلاقها في مارس. وتقول سورية إن أكثر من 500 من أفراد الجيش والشرطة قتلوا على أيدي عصابات مسلحة تلقي عليها باللوم في العنف.
وعلى الرغم من الإدانة الدولية المتزايدة والعقوبات الغربية وتكثيف الضغوط الاقتصادية فإن حكم الأسد لا يظهر أي مؤشر يذكر على انهيار وشيك.
كذلك فلا يوجد أي مؤشر على أن الاحتجاجات التي تجتاح أنحاء البلاد توشك أن تتوقف ولكن عددا من المحتجين تراجع فيما يبدو منذ أن أرسل الأسد قوات إلى عدة مدن رئيسية في وقت سابق في أغسطس.
وإذا لم يتمكن الأسد من القضاء على الاحتجاجات بشكل كامل فربما يتمكن من احتواء آثارها ويبقى في السلطة رغم التصعيد وتأثر الاقتصاد نتيجة الاضطرابات والعزلة الدولية المتزايدة.
*إبرام صفقة مع المعارضة..
يمكن أن يجري الأسد تعديلا وزاريا ليشرك بعض شخصيات المعارضة في خطوة رمزية لن توقف المظاهرات في الشوارع لكنها ربما تقنع البعض بأنه جاد إزاء الإصلاحات بما في ذلك وعد بإجراء انتخابات تعددية بحلول فبراير.
وبعد موجة منسقة فيما يبدو من قوى المنطقة بما في ذلك المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا في وقت سابق من الشهر الجاري خففت الدول العربية من لهجتها في الأيام القليلة الماضية ولمحت إلى احتمال تخفيف الضغوط على الأسد.
ورفض الكثير من شخصيات المعارضة وعد الأسد بإجراء إصلاحات سياسية وقالوا إنها لا يمكن أن تتحدث مع السلطات مع استمرار العنف.
وإذا استمر الحال على ما هو عليه فإن بعض أعضاء المعارضة ربما يشعرون أنه ليس هناك بديل للتفاوض على الرغم من الريبة الشديدة المتبادلة.
* التدخل الدولي..
حتى الآن لم يقترح أي بلد القيام بتدخل دولي في سورية على غرار ما قامت به قوات حلف شمال الأطلسي لمساعدة المعارضة على الإطاحة بمعمر القذافي.
لكن انهيار حكم القذافي شجع بعض شخصيات المعارضة والمحتجين على تأييد التدخل الدولي في سورية بما في ذلك فكرة إقامة منطقة عازلة تركية في شمال سورية.
وكتب على لافتة بالانجليزية في احتجاج بمحافظة ادلب في الشمال يوم الجمعة "نرجو المساعدة يا حلف شمال الأطلسي."
لكن أي تدخل عسكري من الممكن أن يزعزع استقرار منطقة يتمتع فيها الأسد بدعم قوي من إيران ويدعم جماعات مثل حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.
وقال السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله يوم الجمعة "أي تطور سلبي أو إيجابي سيطال المنطقة كلها."
كما أن التدخل الدولي يمكن أن يجعل بعض السوريين يختار الأسد كخيار أفضل من التدخل الأجنبي المحتمل.
* الحرب الأهلية..
يحذر محللون وبعض نشطاء المعارضة من أن استمرار القتل ربما يشجع الناس على حمل السلاح بأعداد كبيرة مما يدفع البلاد نحو الحرب الأهلية.
وقال لؤي حسين وهو شخصية معارضة إن هناك بعض المنتمين للمعارضة الذين يرغبون في إنهاء النظام سريعا وهم من حذروهم دائما من تكرار الأنموذج الليبي وسيقولون الآن إن المثال الليبي نجح ويلجئون للسلاح.
وينتمي الأسد إلى الأقلية العلوية التي تمثل نحو 10% من سكان سورية. وأغلب المتظاهرين في الشوارع من السنة.
ووقعت بعض جرائم القتل الطائفية في بعض المدن مثل حمص لكن نشطاء يقولون إن مثل هذه الحوادث حتى الآن تمثل جزءا بسيطا من الاحتجاجات.
وعانت سورية من الانقلابات المتكررة في الستينات قبل أن يتولى حافظ الأسد السلطة عام 1970 ويتخلص من معارضيه.
وعلى الرغم من ورود أنباء عن حدوث انشقاقات محدودة وإقالة الأسد لوزير الدفاع في أوج موجة القمع العسكري في أغسطس فإن الجيش يقف حتى الآن إلى جانب الرئيس على خلاف ما حدث في تونس ومصر.
لكن بعض النشطاء لا يرون احتمالا يذكر في الإطاحة بالأسد عن طريق مظاهرات الشوارع ويرون أن الانقلاب العسكري هو أفضل الطرق للإطاحة به. وهم يتمنون أن المطالب الغربية بأن يتنحى الأسد وفرض عقوبات محددة تستهدف مسؤولين كبارا ربما تشجع من يحيطون بالرئيس على الانشقاق أو القيام بانقلاب حتى لا يحاكموا.
ولم يتضح كيف يمكن لأي زعماء عسكريين جدد التعامل مع مطالب المحتجين بالحصول على المزيد من الحريات السياسية.
كما أن التركيز ينصب على الطبقات الغنية من التجار في دمشق وحلب والتي لم تتخذ حتى الآن خطوة كي تنأى بنفسها عن الأسد.
وإذا لم تشعر هذه الطبقات بأن مصالحها ستكون مصانة في سورية ما بعد الأسد فإنها ستكون عازفة عن المطالبة بتغيير ثوري. لكن صبرهم ربما ينفد بينما يعاني الاقتصاد من انهيار عائدات السياحة والاستثمار الأجنبي والخسائر في التجارة وتراجع حجم الإنتاج الصناعي.