تقول الحكمة: "من تعب في الصغر ارتاح في الكبر".. الإنسان يتعب طيلة شبابه كي يستمتع بما يحصد من نجاحات على جميع الأصعدة بما فيها المادية.

كثيرا ما نقابل أجانب كبارا في السن في دول العالم.. يلفت انتباهي أنهم يسكنون في منتجعات وفنادق راقية.. ويرتدون ملابس أنيقة، وتلف معاصمهم ساعات فاخرة.. قلت لأحدهم يوماً: يعجبني أنك تصرف على نفسك ببذخ ـ قال لي: "أنا تعبت طيلة حياتي السابقة واليوم من حقي أن أستمتع بما حصلت عليه.. ما فائدة المال حينما أموت"؟!

وشي أهم مما يقول موجود في ديننا الحنيف ـ "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" ـ والمال الذي يجمعه الناس اليوم إن لم يستفيدوا منه سيتركونه كله، وسيحاسبون عليه كله وهنا المصيبة!

أعرف رجلاً حكيماً أنعم الله عليه بالثروة.. كان يصرف على نفسه وعلى من حوله بكرم واضح.. قال له أحد أقاربه: "حاول أن تقتصد، لأنني أراك تصرف ببذخ"ـ فرد عليه: "أنا لا أصرف شيئا من حسابي"! ـ وحينما سأله: من أي حساب تصرف إذن؟ ـ أجاب : "من حساب الورثة"! ـ والمعنى: أنه يصرف من المال الذي سيتركه يوما ما ليتقاسمه الورثة من بعده!

وعلى النقيض حكاية حقيقية لرجل اكتشف أولاده بالصدفة أن لديه 40 مليون ريال في البنك.. شعروا بحزن شديد لأنه كان يسكنهم في الدور الثاني، ويؤجر الدور الأرضي وسيارته "هايلوكس غمارتين"!

والأسوأ من هذا رجل ما يزال يلهث من أجل جمع أكبر قدر من المال، وكأنه سيأخذه معه حينما يغادر هذه الحياة بعد سنوات.. اسألوا أنفسكم: ما فائدة هذه الأموال التي تجمعون طالما لم تستمتعوا بها.. طالما لم تشعركم بالسعادة والراحة؟

كم أتمنى أن تكشف الحسابات البنكية أمام الملأ.. ويعرف الناس أرصدة بعضهم البعض.. حتما سيصابون بالذهول.. ماذا ستفعل حينما تعلم أن زميلك في العمل الذي يقود سيارة "داتسون غمارتين" لديه عشرة ملايين ريال في البنك؟!