في اليوم الوطني وعلى شاطئ العزيزية بمدينة الخبر، غمرتني الفرحة حين لمحت سيارة تهم بالمغادرة لأحل محلها في زحمة معتادة في هذا الموقع الأنيق المعروف. جلست وصديقي وعلى يميننا يجلس أربعة شباب، متلفعين الأوشحة الخضراء وخلفهم سيارتهم التي تزينها الأعلام، وتعلو صوت أناشيد المناسبة الغالية على قلوبنا في مشهد طاغ بالعشق الوطني. وفي هذه الأثناء همّ الشباب بالمغادرة إلا أن المفاجأة كانت أنهم تركوا مخلفاتهم خلفهم. قد يرى البعض أن هذا السلوك معتاد ولا جديد فيه فلماذا الدهشة وكتابة موضوع بهذا الخصوص؟

دهشتي تكمن في اعتقادي بأن سلوك عاشق الوطن يتسامى عن مثل هذا التصرف المشين في كل أيام السنة فما بالك باليوم الوطني.

دهشتي تكمن في أن هيئة هؤلاء الشباب توحي بالرقي من خلال هدوئهم ولباسهم وأعمارهم المتوسطة، وحتى صوت مذياع السيارة غير المزعج.


الوطن لا يريد منا أن نحتفل بيومه بينما لا يزال سلوكنا معه عنيفا وغير أخلاقي، ليس على مستوى الشواطئ والحدائق والأماكن العامة، بل حتى -على سبيل المثال- في موقف السيارة وأحدنا يلقي بعلب المشروبات وأكياس المطعم بعد وجبة سريعة تناولها في أمن وأمان، دون أن يرفع عليه أحدهم مسدسه كما في بلدان أخرى.

الوطن لا يريد منا أن نتغنى به في يوم توحيده، بينما نحن نبصق على أرضه ونلقي بأعقاب السجائر على قارعة الطريق.

الوطن لا يريد منا أن نبتهج بيومه الخالد، بينما نحن نتجاوز حقوق غيرنا في طابور الكاشيرات وممرات المشاة ومواقف ذوي الإعاقة.

الوطن لا يقبل منا أن نقيم الأفراح بيومه المجيد، ونحن نبدد ثرواته من مياه وكهرباء في غير حاجة.

الوطن يريد منا أن نحترم حقوقه وحقوق كل سكانه من مواطنين ومقيمين.

ماذا يجني الوطن مني ومنك ونحن نحتفل بيوم توحيده العظيم، لكننا نسيء التعامل مع كيانه الجسيم، ومع إنسانه الكريم ومقوماته الجليلة في موقف يؤكد عدم احترامنا لثلاث، وطننا وأنفسنا والمقيمين بيننا!!.