ودعت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى "وقف فوري لإطلاق النار"، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع في أذربيجان آرتسرون هوفهانيسيان إنّ قتالا عنيفا اندلع على طول جبهة ناجورني قره باغ بعد ظهر الأحد. وأعلنت أذربيجان أنّ قواتها دخلت 7 قرى خاضعة لسيطرة الأرمينيين خلال المواجهات العنيفة، وهو ما نفته أرمينيا.
أرضنا المقدّسة
وفي خطاب متلّفز للأمة، تعهّد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بالانتصار على القوات الأرمينية. وقال إن "قضيتنا عادلة وسننتصر"، مكررا اقتباسا شهيرا نقل عن خطاب الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين في روسيا خلال الحرب العالمية الثانية. وتابع أنّ "الجيش الأذربيجاني يقاتل على أرضه. قره باغ أذربيجانية ". وأعلنت كل من أرمينيا ومنطقة ناجورني قره باغ الأحكام العرفية والتعبئة العامة. وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان "استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدّسة"، متهماً أذربيجان بـ"إعلان الحرب" على شعبه. وأفادت أرمينيا في وقت سابق أن قوات أذربيجان هاجمت مناطق مدنية في ناجورني قره باغ بما في ذلك عاصمة المنطقة ستيباناكرت، في عملية أسفرت عن مقتل امرأة وطفل.
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن القوات الأرمينية انتهكت وقف إطلاق النار وذكرت أنها أطلقت "عملية مضادة لكبح أنشطة القتال الأرمينية وضمان سلامة السكان" باستخدام الدبابات والصواريخ المدفعية والطيران العسكري والطائرات المسيّرة. وأكد المتحدث باسم الرئاسة الأذربيجانية حكمت حاجييف في بيان "وجود تقارير عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والعسكريين". وقالت وزارة الخارجية الأذربيجانية "لحقت أضرار جسيمة بالعديد من المنازل والبنية التحتية المدنية". وأشار المسؤول المحلي في قره باغ أرتاك بغلاريان إلى سقوط "ضحايا مدنيين" من سكان المنطقة.
وقال رئيس قره باغ أرايك هاروتيونيان خلال جلسة طارئة للبرلمان في ستيباناكرت (خانكندي بحسب تسميته الأذربيجانية) "أعلنت الأحكام العرفية" وتعبئة جميع الأفراد القادرين على الخدمة العسكرية والذين تبلغ أعمارهم أكثر من 18 عاما.
دعوة روسية وأوروبية لوقف إطلاق النار
وانتزع الانفصاليون الأرمينيون قره باغ من باكو في حرب في التسعينات أودت بـ30 ألف شخص. وجمّدت المحادثات لحل نزاع قره باغ، الذي يعد بين أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994. ورغم توقيع اتفاق 1994 وقيام وساطة روسية أمريكية فرنسية تحت اسم "مجموعة مينسك"، لا تزال الاشتباكات المسلحة متواترة. وحمّلت حليفة أذربيجان تركيا يريفان مسؤولية اندلاع العنف وتعهّدت بدعم باكو.
وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين على تويتر "ندين بشدة اعتداء أرمينيا على أذربيجان. خرقت أرمينيا وقف إطلاق النار عبر مهاجمتها مواقع مدنية"، معربا عن دعم بلاده "الكامل" لباكو. من جهتها، ذكرت موسكو إن وزير خارجيتها سيرجي لافروف تحدث مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، مشددا على "ضرورة وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن". وأفاد مصدر دبلوماسي تركي أنّ المسؤولين ناقشا "العدوان الأرميني".
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إنّ "الأعمال العسكرية يجب أن تتوقف في شكل عاجل لمنع المزيد من التصعيد"، ودعا "لعودة فورية للمفاوضات دون شروط مسبّقة". وقال مراقبون سياسيون إن على القوى العالمية تكثيف المحادثات لوقف تطور النزاع. وأفادت أوليسيا فارتانيان من مجموعة الأزمات الدولية وكالة فرانس برس "نحن على بعد خطوة من حرب واسعة النطاق". وأضافت أن "أحد الأسباب الرئيسية للتصعيد الحالي هو عدم وجود أي وساطة دولية استباقية بين الجانبين لأسابيع". وكتب ديمتري ترينين مدير مركز كارنيغي في موسكو على تويتر "الحرب تتواصل. حان الوقت لروسيا وفرنسا والولايات المتحدة بشكل فردي وجماعي لوقفها".
مرتزقة أتراك
بدوره، اتهم رئيس قره باغ هاروتيونيان أنقرة بإرسال مرتزقة إلى أذربيجان. وقال "لدينا معلومات تفيد بأنه تم إرسال مرتزقة من تركيا ودول أخرى جوا إلى أذربيجان. الجيش التركي في حالة استعداد في أذربيجان تحت ذريعة التدريبات العسكرية". وأفادت رئاسة قره باغ أن أذربيجان بدأت صباح الأحد قصف خط التماس بين الطرفين وأهدافا مدنية، بما في ذلك ستيباناكرت. وأكدت وزارة الدفاع التابعة للانفصاليين أن قواتها أسقطت مروحيتين تابعتين للجيش الأذربيجاني و3 طائرات مسيرة. وهو ما نفته باكو. ونفت وزارة الدفاع في باكو الأمر وقالت إن قواتها كانت ترد على هجوم من قبل أرمينيا. وأشار حاجييف إلى أن القوات الأرمينية في قره باغ "انتهكت بشكل صارخ نظام وقف إطلاق النار وشنّت باستخدام أسلحة ذات العيار الثقيل وقاذفات ومدفعيات هجوما على مواقع لقوات أذربيجان المسلحة على طول خط التماس".
وذكرت وزارة النقل في أذربيجان أنها فرضت "قيودا على الإنترنت" لمنع "الاستفزازات الأرمينية". واتهم علييف أرمينيا الجمعة بتقويض محادثات السلام المرتبطة بقره باغ. وفي يوليو، أدت مواجهات على الحدود بين البلدين إلى سقوط 17 جنديا على الأقل من الطرفين. وهددت أذربيجان حينها بضرب محطة أرمينيا للطاقة الذرية في حال هاجمت يريفان منشآت استراتيجية. ولقي نحو 110 أشخاص حتفهم في آخر مواجهات اندلعت في أبريل 2016.