تركت زيارة مفتي مصر الشيخ الدكتور علي جمعة إلى القدس والمسجد الأقصى تعليقات كثيرة بين مؤيد ومعارض، وعما إذا كانت دينية أم سياسية، وبنى كل طرف حيثيات حكمه عليها من هذين المنطلقين.
من اعتبرها دينية، ساق دفوعه بأن لكل مسلم الحق في زيارة المسجد الأقصى، وعليه أن يسعى لذلك مهما كانت العقبات، وهو محق في ذلك، حتى ولو كان تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. فزيارة السجين البريء، لا يعني أنك توافق السجان رأيه، ولكنك مجبر لأخذ الإذن منه بالزيارة.
أما من اعتبرها سياسية وتدخل في إطار التطبيع مع الاحتلال والاعتراف بسيطرته على المقدسات، فينطلق من اعتبارات أن أي تعامل مع الاحتلال يعني الاعتراف بالأمر الواقع، وأن شعارات التحرير ليست إلا مضيعة للوقت، بعد أن اتخذت إسرائيل مواقف متعنتة من قضية القدس والسعي إلى تهويدها، والحفريات التي تقوم بها في حرم المسجد، حتى باتت أساساته آيلة للسقوط، ما يعزز الرأي السائد بأن الاحتلال يعرض عن مناقشة وضع القدس، وبالتالي لا مجال للتعاطي مع هذا الكيان الغاصب إلا عبر استعادة الأقصى والمقدسات الأخرى بالقوة. ويستند أصحاب هذا الرأي إلى موقف بابا الأقباط الراحل شنودة الثالث الذي حرم على أتباعه زيارة القدس طالما هي تحت الاحتلال.
بين هذين الموقفين، لا بد من وجود موقف عاقل يسعى إلى إبعاد السياسة عن الممارسات الدينية، ولكنه في الوقت نفسه لا يعطي المبرر لإسرائيل لاستغلال الزيارة.