تطلُّ علينا خلال هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوب الجميع، وهي اليوم الوطني 90، وتشارك في هذه المناسبة أطياف المجتمع كافة للتعبير عن فرحتهم البالغة بها، فمنذ توحيد المملكة على يد المغفور له -بإذن الله- الملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-. رفعت الدولة رايتها على كلمة التوحيد وأخذت الكتاب والسنة منهجاً لها، فمنَّ المولى على هذه البلاد بنعم عدة لا تعدُّ ولا تحصى ومن أهمها هو نعمة الأمن والأمان لكل من هو على أرض بلاد الحرمين.

وعلى مرّ الأعوام الماضية تحققت إنجازات لافتة شهدتها مملكتنا الحبيبة ولله الحمد فمنذ مرحلة التأسيس بدأت مسيرة التطور وظلت متواصلة على يد أبناء الملك المؤسس، رحمهم الله أجمعين، واستمرت المسيرة المباركة ودخلت مرحلة تحديث وبناء لمملكة المستقبل، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.

وشهدت المملكة في هذه المرحلة إنجازات لافتة ومبادرات أحدثت نقلة نوعية كبيرة للمملكة داخلياً من أبرزها إقرار «رؤية المملكة 2030» التي مثلت حجر أساس في رسم خارطة العمل الاقتصادي والتنموي لبلادنا، لتنطلق على إثرها عدة مشاريع وبرامج ومبادرات إصلاحية تطويرية لترسم -بأمر الله تعالى- مستقبل المملكة بطريقة منهجية.


وقد اهتمت قيادة البلاد بترتيب البيت من الداخل ليصبح أكثر قوة ومنعة، ونجدها قد عززت من الخطوات المتسارعة التي تنتهجها المملكة في كافة المجالات وعلى سبيل المثال: ما تمَّ إنجازه في مشروع التحول إلى الاقتصاد الرقمي، الذي يعدُّ محركاً لكافة القطاعات، وهذا الإنجاز أهَّل المملكة لاحتلال مكانة مرموقة، داخل دول مجموعة العشرين، التي تشكل النسبة الأكبر والأقوى اقتصادياً، على المستوى العالمي.

إضافة إلى ذلك، فإنَّ سياسة التخصيص التي شرعت الجهات المختصة في تطبيقها، تعدُّ من أبرز الإنجازات؛ لأنَّها سوف تساهم في انتعاش وتطوير قطاع الأعمال بوحه عام، وسترفع من كفاءة القطاع الخاص وتحسِّن من مستويات خدماته -بإذن الله- حيث إنّ الحكومة ووفقًا لهذه السياسة ستصبح هي المنظم والمشرع والمراقب، وليس المساهم حيث إنّ تطبيق التخصيص في الدول النامية قد ساهم في تشجيع المنافسة وتحرير الأسواق.

وخارجيًا حرصت المملكة في عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- على الالتزام بنهج واضح في علاقاتها الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة، بما يخدم المصالح المشتركة في القضايا المحورية للمملكة. وقد أثمر ذلك عن عقد شراكات استراتيجية مع الدول الكبرى، وفق رؤى واضحة قائمة على أساس الاحترام وتحقيق المصالح المشتركة وتتجاوز بدورها الأطروحات التقليدية لتلامس الإنجازات على أرض الواقع، وذلك انطلاقاً من مركز المملكة القيادي الذي يمثل قلب العالم العربي والإسلامي، حيث أعاد هذا النهج بفضل من الله وتوفيقه التوازن في المنطقة.

وقد زاد هذا النهج الحضور العالمي المميز للمملكة، على الأصعدة السياسية والاقتصادية، والدبلوماسية كافة، وذلك بسبب اتسام سياستها الخارجية بالوضوح وتحقيق التوازن ما بين احتياجات الداخل ومتطلبات الخارج، وفق شعار «العزم والحزم» في مواجهة كافة الأحداث، إقليمياً وعالمياً والذي أسهم في رفع مكانة المملكة وزيادة ثقلها على المستوى العالمي.

إن أبناء المملكة، الذين يمثل الشباب غالبيتهم العظمى، قادرون على الحفاظ على المكتسبات التي حققتها المملكة، طوال الأعوام الماضية، والآن وهم يحتفلون باليوم الوطني، تحت شعار «هِمَّة حتى القمَّة»، عليهم أن يعوا أن دورهم مهم في رفع مكانة المملكة في شتى المجالات فهم المستقبل المشرق بأمر الله لهذا الوطن الغالي وهم عماده.

ومن رؤية قيادتنا الحكيمة أنَّ أهم عنصر لتحقيق النجاح والتقدم والتطور لبلادنا -بمشيئة الله تعالى- هو الشعب السعودي، وهذا من نعم المولى على هذه البلاد المباركة بأن العلاقة بين ولاة الأمر والشعب هي علاقة محبة واحترام قائمة على الثقة المتبادلة ولله الحمد. أدام الله الفرح على بلادنا وحفظها من كل سوء ومكروه ووفق ولاة أمرنا إلى كل ما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد (ودام عزك يا وطن).