يوما بعد يوم كان يكبُر شعور الحب بداخلي، ويزداد شعور الانتماء أكثر وأكثر لهذه البقعة الجغرافية على هذا الكوكب.. مشاعر لا تشابه أي مشاعر أخرى، لا يُضاهيها شيء ولم يُعرف لها أصول أو أسباب، كتلك التي تترك علامة في القلب دون أي إرادة منا، مشاعر فِطرية وعذريّة، وقد كان هذا هو حُب الوطن.. فكرت في مرةٍ حول مسمى «الوطن» تلك الكلمة التي لم يُعرف لها يوما تعريف محدد، وتباينت الآراء والاتجاهات، فمن أين جاءت؟ ولماذا سُميت بهذا الاسم تحديدًا؟ فوجدت منهم من قال إنها الأرض التي يكون بينك وبينها رابطا تاريخيا، والبعض قال إنها الأرض التي نُولد فيها ونعيش عليها.. ورغم كثرة الأقوال فإنني لم أجد أبلغ من أن يكون هو الأرض التي منحتك حياةً كريمةً وكنت دائمًا مرتبطا بها، في موقف عابر أو قصة أو حتى ذكريات طفولة.. مهما ابتعدت وباعدت بينكما الأيام والمسافات تعود له بمشاعرٍ ملتهبة.

أذكرُ أول مرةٍ سمعت فيها الفنان الراحل طلال مداح -رحمه الله- وهو يتغنى بالوطن، «روحي وما ملكت يداي فداهُ.. وطني الحبيب وهل أحب سواهُ؟» يومها تساءلت بروح الفتاة الصغيرة المستكشفة، أَيفدي الإنسان وطنه حقا؟ لأكبر بعدها وأعي أن الأشخاص مهما تفاوتت مشاعرهم تجاه أوطانهم، تبقى روح الانتماء دائما متصدرةً ومؤكدةً، إننا وكل ما نملك فداءً للوطن.

في هذه الأيام تدخلُ مملكتنا الحبيبة عامها التسعين، تسعون عاما من التقدم والنجاح والازدهار، تكبُر سنا وتزدهرُ أكثر، تواصل مسيرتها وتطمحُ للمزيد، لا تنظر إلا للقمة التي هي نصب أعينها في ظل قيادة رشيدة تبذل كل شيء من أجل ثباتها وقوتها.


كل عام وأنت بخير يا وطن.. كل عام وأنت الحُب والفخر والشموخ والعزَّة.