في هذه الحياة نقابل كثيرت من الشخصيات على مختلف المستويات ربما تحمل منصبا، أو حتى مكانة مرموقة بالمجتمع، لكنها لا يتمل أي معنى من معاني السعادة.

أو ربما نرى علامات البؤس والشقاء يعتلي وجوه أصحاب المناصب المرموقة، في حين تعتلي الابتسامة والفرح أصحاب النجاحات البسيطة.

يأتي السؤال لماذا يا ترى؟ وهل كانوا مكرهين لاعتلاء هذه المناصب؟


على الرغم من الفروقات الإجتماعية، والمادية، والدينية، تختلف مبادئ السعادة والفرح الذي يغرس داخل كل منا، فمنا من يملؤه الإمتنان ليحمل كل فرد منا بأجنحته ليحلق بها، ومنهم من يحط بها بأغلى ما يملك على الأرض وهي سعادته وسعادة من حوله في سبيل الوصول إلى مبتغاه.

الإعتقادات الخاطئة بأن السعادة مرتبطة بمناصب عليا، أو بيوتٍ فخمة، أو أنساب عالية للأسف نظرية مغلوطة في مجتمعاتنا، ومجرد الإعتقاد بأن السعادة مرتبطة بتحقيق الرغبات الذاتية، يعيش صاحبها فترة من الزمن يحاول أن يحقق رغباته الشخصية دون الوصول إلى نقطة نجاح، وبالتالي يأتي السؤال، أين السعادة فيما حققت؟

مسألة قبولي بجامعة معينة، أو حصولي على مؤهلات عليا، أو حتى اعتقادي بأن عملي في منشأة معينة قد يكسبني منصبا، أو سعادة ذاتية من دون هدف معين، قد لا يضفي من السعادة شيئا.

فلو كان تحقيق الرغبات مصدر سعادة، لعاش أغنى ملوك العالم في سعادة أبدية، تقول هيلين براون "المال إذا لم يَجلب لك السعادة، فعلى الأقل سيساعدكَ على أن تكون تعيسا".

كما يخطئ البعض بمجرد اعتقاده بأن هدفه لم يتحقق الآن فلن يتحقق أبدا، مشيئة الله تدخل في كل ما نملك بحياتنا، ربما هدفك لم يكن بالسمو الذي يليق بك بالوقت الحالي فتم تأجيله بمشيئته، ليتحقق لك هدفا أفضل مما اعتقدت.

الحياة كفيلة بتعليمنا تجارب قاسية ليتخللها تجارب ناجحة، وفاشلة، لا يعني فشلنا في أحد تجاربها بأن الحياة توقفت.

ربما سعادتنا ليست مرتبطة بأغراض مهنية بل معنوية، لا خاب من استشار صديق، العلاقات الشخصية تلعب دورا أساسيا في تطوير المرء ذاته، وفي بعض الأحيان تصفية الذهن أمر لا بد منه ليعيش الشخص مرحلة من السعادة، فالمطر، والقهوة، ولون السماء الصافية، وصوت أمواج البحر أشياء تخبرنا بأن السعادة ليست بحاجة إلى بشر.

نتعجب من أمر بعض الأشخاص بأنه يستمر في مراقبة نجاح غيره، وينسى نجاحه، أو يحاول إسقاط غيره لأنه لم يستطع الوصول ما وصل إليه الآخرون، لكنه نسي نظرية هامة بالحياة وهي "أن السعداء لا يملكون كل شيء، بل مقتنعون بكل شيء“.

فأساس السعادة بالنجاح هي القناعة والرضا، "فالفرح لحظة، والرضا حياة“.

البعض ربما يكون ناجحا مهنيا لكنه تعيس على المستوى الشخصي، لهيامه بالجانب العملي، وغيابه عن الجانب العاطفي والشخصي.

لطالما كنت ولا زلت أؤمن لما تضيع سنوات العمر في البحث واستكشاف المستقبل، وننسى حاضرنا الذي نعيشه.

جميل أن نعيش الحياة بكل تفاصيلها، بنجاحاتها وفشلها، بتجاربها الجميلة والتعيسة، أن نتشارك أصغر النجاحات مع أصدقاءنا وأصحابنا، أن نفرح لنجاح الآخرين، ونعمل على إنجاح الآخرين أيضا، قليل منا من يبحث سعادته بإسعاد الآخرين، جميل أن نكون الشخص المؤثر الإيجابي بنظر من حولنا.

ما أروع القلوب التي تسعى دوما في إدخال السرور على الآخرين، تتسابق في نجدة الملهوف، ومداواة كل مريض وحل كل مشكلة مهما كلفها ذلك، سواء كان تعبا في الجسد، أو بذلا من المال، أو إشغالا في الوقت، وأحب الأعمال إلى الله هي إدخال السرور على المسلم، والسعيد هو من يستطيع إسعاد الآخرين.

"كونوا سعداء، بكل لحظات حياتكم".