شاب صغير في السن سألني: لماذا تتحمسون كثيرا للحالة السورية وتدعون للشعب السوري ليلا ونهارا، في صلواتكم ومنابركم ومجالسكم ومنتدياتكم.. بينما كنتم تتجاهلون ذات الحالة في البحرين وكأن شيئا لا يحدث هناك؟ قلت له: فرق واضح وبون شاسع بين الحالتين يا بني! قال: ما هو الفرق.. هناك شعب ثائر على نظامه وهنا شعب ثائر على نظامه.. لماذا تناصرون مطالب الشعب السوري وتتجاهلون مطالب الشعب البحريني؟! قلت له اسمعني يا بني ولا تقاطعني: الحالة مختلفة تماما.. إذ ليست هناك قواسم مشتركة بين الحالتين مطلقا.. في سورية شعب ثائر على الظلم والقهر والاستبداد الممتد على مدى عقود طويلة.. ثورة على الطغيان والديكتاتورية المطلقة.. بينما في البحرين فئات مشاغبة قليلة تدار بالريموت كونترول من دوائر المخابرات الإيرانية. في سورية ـ يا بني ـ شعب يريد استبدال حاكم ظالم مستبد بحاكم آخر عادل يخاف الله.. في البحرين أجندات ومطامع وأحلام خارجية منذ سنوات طويلة بالجمهورية الإسلامية.. في سورية دبابات الجيش تطوف في المدن والقرى تزيل كل ما يواجهها وتقتل العشرات يوميا.. في البحرين حينما يسقط قتيل واحد يتم تشكيل اللجان، وترسل الوفود لتعزية أهله.. في سورية الضحايا هم الأطفال والشيوخ والنساء.. وفي البحرين الضحايا هم قوات الأمن! في الحالة السورية ـ يا بني ـ تطارد استخبارات النظام أفراد المعارضة في كل شبر في العالم.. وفي البحرين يتجول المعارضون في المنامة والمحرق دون خوف، وبعضهم أصبح وزيرا في الحكومة! تحدثت معه طويلا.. سقت له العديد من الأمثلة.. أظن أنني استطعت إقناعه ـ أن ما يحدث في سورية هو ثورة حقيقية واضحة المعالم والغايات، وأن ما يحدث في البحرين لا يعدو كونه مشاغبات طائفية بغيضة ترفع صورا وأعلاما إيرانية ـ ليس لأن حجتي قوية.. لكن لأنه كان ينشد الحق على الرغم من صغر سنه.. وليس كغيره من الرموز ـ هنا وهناك ـ ممن يتظاهرون بالحياد، أو يزورون الحقائق ويرفعون لواء الحق بحثا عن الباطل.. بحثا عن مكاسب سياسية لا تخفى على أحد!