إنّ حديث اللغة الذي تصغي له أفئدتنا مشحون بالكثير من الأحكام المسبقة التي تصنع الحيز الذي ننتمي إليه، والجنة الموعودة التي نبشر بها كل من يتفق معنا وما للآخرين سوى جحيم الإقصاء والرجعية والخسران. إنّ القراءات المتقابلة المحشوة تهماً وشكاً وتسخيفاً تقتل الأمل في داخلنا وتشيعنا إلى مثوى هو جحيمٌ للكل، حيث لا جنةّ فيما أعتقد مع تلك الحال، فالجميع خاسرون ولن يبق هناك أحدٌ سيتحدث بحالة وجود أو عدم، بل سيكون العدم هو سيد الموقف في جميع الاتجاهات ولجميع المتباينين.
إنّنا اليوم كمن يجلس على تل ووجهه للصحراء وظهره للعالم، فهو يبصر مساحةً من الفراغ يعبث فيها خياله بترهات لا تسكن سوى مخيلة بليدة أصابها فقر الزوايا التي هاجر منها النور ولم يبق فيها سوى الإعتام.. إننا نحتاج للثقة فقط لنتجاوز حالة الشك في أنفسنا ومن حولنا، وما لم نتخط هذا الوضع وإلا فلن يكون أمامنا سوى حافة الغياب عن مسرح التأثير والحضارة، وهو أمر لا يليق بمن يحمل رسالة السماء.