فمع الصباح الباكر يذهب الزوجان معاً لإصلاح وزراعة مزرعتهما وحماية محصولها حتى يحين حصاده، ومن ثم يذهب الرجال للأسواق الشعبية ليقايضوا غيرهم من المتسوقين بما لديهم من محاصيل بعد إخراج الزكاة وأخذ كفايتهم، محققين بذلك التوازن الغذائي لهم ولأسرهم والاكتفاء الذاتي الذي يضمن لهم تسيير حياتهم الغذائية والمعيشية إلى الموسم الزراعي الجديد، الأمر الذي كفل لهم الخروج من دائرة الفقر إلى حياة الستر والغنى بعون الله وفضله وبركته.
قصة كفاح استمرت عقوداً من الزمن سجلها وسطرها أبطال منهم من رحل إلى جوار ربه، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، ولكنه لا يستطيع الاستمرار بمهام الزراعة لكبر سنه، رغم حبه وشغفه وتمسكه بها إلى وقتنا الحالي.
لذا فإن عودة الزراعة هي عودة للحياة وفرصة لسد حاجة كثير من الأسر المتعففة والشباب العاطل عن العمل وأصحاب الدخل المحدود، بعد أن أصبحت قضيتهم مع العطالة واستغلال الشركات والمؤسسات لطاقة كثير منهم مقابل رواتب زهيدة جداً قضية رأي عام تناقش يومياً عبر جلسات الحوار والمنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي .
من هنا يأتي دور وزارتي العمل والموارد البشرية والزراعة، وكذلك أصحاب المال والأعمال في المجال الزراعي؛ إذ عليهم تبني هذه الأسر والشباب ودعمهم وتحفيزهم؛ لإحياء أراضيهم الزراعية، وتوفير مزارع لمن لا يملك أرضاً عن طريق الإيجار، ومدهم بآليات الحرث والري والبذور والمصدات الحديدية لحماية محصولهم من المواشي، ومن ثم مساعدتهم في تصدير المحصول من خلال تهيئة مواقع حراج إلكترونياً أو مكانياً بالمحافظات ليتمكنوا من بيع محصولهم، وكذلك تقديم النصح والإرشاد وتوجيههم باستمرار، ومتابعة مزارعهم بواسطة المهندسين الزراعيين المختصين وأصحاب الخبرة، فبذلك نضمن انخفاض العطالة بين أوساط الشباب، وتحسين أوضاع الأسر المتعففة، واعتمادها على أنفسها لتكون مصدراً لتنمية الثروة الزراعية، وارتفاع المخزون الزراعي والاكتفاء الذاتي لهم، وللمجتمع والوطن بصفه عامة.
لكم أعزائي ان تتخيلوا كيف ستصبح الأرض عندما تزرع وتصبح مروجاً خضراء تتخللها جداول مائية لا تنقطع طوال العام.
بالتأكيد، ستكون جنة تسر العين، وتشرح الصدر، وتبهج القلب.