بعد تشديد المراقبة في حوض المتوسط، ازداد عدد المهاجرين الذين يتحدون وباء كوفيد-19 ويحاولون عبور البحر إلى جزر الكناري، مما يتسبب بعدد متزايد من حوادث الغرق.

ومن التأثير الضار للاتفاقيات الأوروبية مع تركيا أو ليبيا أو المغرب للسيطرة على الحدود في البحر المتوسط، أن أصبحت جزر الكناري، وهي أرخبيل بركاني في المحيط الأطلسي يبعد مئة كيلومتر من الساحل الإفريقي، من جديد إحدى بوابات الدخول إلى أوروبا كما كانت من عام 2006 إلى عام 2008. وأوضح تكسيما سانتانا من المفوضية الإسبانية لمساعدة اللاجئين في جزر الكناري «ارتفع ارتياد الطريق بشدة في سبتمبر 2019، عندما بدأت الاتفاقيات الجديدة مع الاتحاد الأوروبي والمغرب في إبعاد المهاجرين عن الحدود الشمالية»، التي تعد نقطة الانطلاق إلى السواحل الجنوبية لإسبانيا. وأضاف «إذا أبعدناهم عن الشمال، فإننا نتجه بهم إلى الجنوب. والجنوب يعني جزر الكناري».

تقول ماريا غريكو، من جمعية دعم المهاجرين «بين البحار» في جزيرة فويرتيفنتورا، الأقرب إلى إفريقيا هذا يعني عبورًا أطول بكثير وزيادة في عدد الموتى».


وتابعت «إن المحيط الأطلسي ليس (مثل) البحر المتوسط. إن المسافة وإخطاء الوجهة والتيارات تجعل العبور أكثر خطورة».

ألف كيلومتر

وإذ انخفض عدد الوافدين إلى السواحل الإسبانية المتوسطية بنسبة 50 بالمئة، فقد تضاعف عدد الوافدين في جزر الكناري ست مرات ليصل إلى 3446 بين يناير ومنتصف أغسطس، وفقًا لوزارة الداخلية. خلال نفس الفترة تقريبًا، سجلت المنظمة الدولية للهجرة ما لا يقل عن 239 حالة وفاة خلال العبور، ليتجاوز 210 حالة وفاة المسجلة على مدار عام 2019 و43 حالة في عام 2018.

وأشار سانتانا إلى «حدوث وفاة واحدة من كل 16 شخصًا».

ورغم انخفاض حركة العبور بعشرة أضعاف، فإن عدد الذين لقوا مصرعهم على طريق المحيط الأطلسي يعادل نصف عدد الوفيات أو المفقودين المسجل في البحر المتوسط، بحسب المنظمة الدولية للهجرة. وأشار سانتانا إلى أن عدد المهاجرين كان أقل بكثير مما كان عليه في عام 2006، عندما تم تسجيل أكثر من 30 ألف وافد، لكن «صعوبة العبور بالغة».

لا تأتي القوارب فحسب من المغرب وموريتانيا، البلدين الأقرب إلى جزر الكناري، ولكن من السنغال وغامبيا، على بعد أكثر من ألف كيلومتر إلى الجنوب، أيضًا.

على متن السفينة، يتزايد عدد النساء والأطفال، والوفيات في البحر.

وأوضح سانتانا «يصل الناس في قوارب مكتظة وغير آمنة يقودها أشخاص يفتقرون إلى الخبرة».

وتشير غريكو إلى أن «كل شي قد تدهور، فالقوارب مهترئة، بدون قبطان، وأحيانًا ليس معهم بوصلة (...) كما انخفضت الأسعار الآن من ألفي يورو إلى 800 يورو. إنها تجارة في نهاية المطاف».

وتضيف أن غالبية المهاجرين يفرون من الساحل وغرب إفريقيا، لكن بعضهم يأتون من مناطق أبعد، من جنوب السودان أو من أرخبيل جزر القمر في المحيط الهندي.

وافدون أكثر في سبتمبر

ويقول خوسيه خافيير سانشيز من الصليب الأحمر الإسباني: «عندما يقررون ركوب قارب، مخاطرين بحياتهم وحياة أطفالهم، فإن الوباء لا يؤثر بشدة على قرارهم».

وعند النزول، يجب أن يخضعوا للفحص، وفي حال كانت نتيجة أحد الركاب إيجابية، فسيتم عزلهم في مراكز الاستقبال غير المصممة للحجر الصحي.

وأوضح سانشيز أن المراكز تضم «غرفا تتسع لستة، ومرافق صحية يتشاركها ثمانية أشخاص. وقد جهزنا غرفًا أصغر بمراحيض فردية. إنه تحدٍ حقيقي».

وأكدت غريكو أن الإدارة ليست مستعدة أيضًا، مستنكرة طلبات اللجوء التي لم تتلق ردا ونقص المعلومات للوافدين الجدد المتعلقة بحقوقهم.

ودعا سانتانا إلى تسريع عمليات النقل من الأرخبيل إلى البر الرئيسي لإسبانيا لتجنب اكتظاظ مراكز الاستقبال، في حال زادت المعابر كما هو متوقع في سبتمبر، مع رياح مواتية وبحر أكثر هدوءًا.