الذي يتابع المملكة في تقييم سياساتها، ونظرتها للأمور من حولها، والبحث عن التوسط في الكفة، والبحث عن الحقيقة أينما كانت، يدرك وبشكل جازم أنها تريد تحقيق الأمن والسلم الدوليين مهما كانت المدة، ولا بد للصبح من إنجلاء، وهذا ما حدث في كثير من قضايا الأمة العربية والإسلامية، بدءاً من قضية فلسطين، ومروراً بعبث الحوثي في الشقيقة اليمن، وحتى وضوح قرار محكمة لاهاي وتعيين المتسُبّب عن التفجير في قضاء أبَعْد من يشار إليهم بأنهم السبب وراء كثير من قضايا المنطقة وإرهابها. والأمُر جَد واضح للعيان في وقوف المملكة مع الحق والبحث عن العدالة في كل هذه القضايا وغيرها، لكنها أمام نتائج محكمة العدل الدولية كانت واضحة الرأي والهدف، كان موقف وزارة الخارجية معتدلاً إذ أكدَّ على أن المملكة ترى في الحكم في قضية اغتيال رفيق الحريري ظهوراً للحقيقة، وأن المحكمة أدانت عنصراً تابعاً لحزب الله ارتكب تلك الجريمة الشنعاء، وتعتبُره المملكة بداية لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم. وفي صياغة هذا البيان ظهر النَفَسْ السعَّودي المعتدل الصادق في رسالته للمجتمع الدولي، عندما أكدّت ضرورة حماية لبنان والمنطقة والعالم من الممارسات الإرهابية لهذا الحزب الذي يُعتبر أداة بيد النظام الإيراني، ومعول هدم، وضَالعٌ في أعمال تخريبية إرهابية في بلدان عديدة، والتي تأتي بلا شك جريمة اغتيال الحريري إحداها، وهذا هو معدن حكومة المملكة في البحث عن الحقيقة ومتابعة خيوطها، وحث المجتمع الدولي على تنفيذ العدالة في عالم يسُوده وبكل أسف عناصر الشَّر من النظام الإيراني والحوثي وحزب الله، وغيرها من المنظمات كنظام إردوغان والذي لبسَ عمامة الملالي ليكُمل المشوار في تورطه في ليبيا وشمال سورية وشرق المتوسط، وتشغيل المرتزقة من هذه التنظيمات الإرهابية التي تجول وتصول دون رادع من إيمان، ولم يكن هذا ليكون لولا الصمت العالمي بمنُظمتّهِ الأممية وحقوق الإنسان ومحاكم العدل الدولية وغيرها، التي لم نَرَ منها خلال عقود سوى أشلاء الجثث وإراقة الدماء في العراق وسورية ولبنان، واليوم في ليبيا. لكن ميزان العدالة الصادق عندما ينطق ترى الأعين ترقب مصدره، وهو الرياض بقراراتها وحكمة قيادتها التي تعطي الأمل للعالم ليسوده الأمن والاستقرار، وهذا ما تؤكد عليه المملكة في تصريحاتها ومواقفها عبر المنابر الأممية دوماً، بحثاً عن الحقيقة وإجلاء للصورة التي ينبغي للعالم أن يسلكها، لتستقيم حياة الشعوب آمنة مستقرة، وهذا ما نبحث عنه جميعاً في عالم تسُوده الضبابية في البحث عن الحقائق، كما حدث في محكمة العدل الدولية وقضية الحريري.
إن المملكة العربية السعودية وهي تشير في بياناتها إلى عين الحقيقة، والمطالبة بملاحقة المتسبب عن إحداث القلاقل في المنطقة، لهو شأنها دوماً من خلال المنابر الدولية والمنظمات الأممية، ساعية جهدها لإقرار الأمن والسلام الدوليين الذي هو متطلب حقيقي للعالم، حتى يسَود الأمن وتنعم الشعوب بالتنمية، كما هي حال المملكة في مسيرتها عبر عقود طويلة مضت ولله الحمد بالتنمية والتطور، وأصبحنا أنموذجاً للعالم كله في رغد العيش والأمن والسلم الذي تتطلع إليه الشعوب، ومنها بعض شعوب المنطقة التي تشهد العبث الإيراني من خلال ميليشياتها وأحزابها بكل أسف.